قتالا ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في سبع مائة فهمت عند ذلك بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج بالإنصراف ورأوا كثافة المشركين وقلة المسلمين وكادوا أن يجبنوا ويفشلوا فعصمهم الله تعالى وذم بعضهم بعضا ونهضوا مع النبي صلى الله عليه وسلّم حتى أطل على المشركين فتصاف الناس وكان النبي صلى الله عليه وسلّم قد أمر على الرماة عبد الله بن جبير وكانوا خمسين رجلا وجعلهم يحمون الجبل وراء المسلمين وأسند هو إلى الجبل فلما اضطرمت نار الحرب انكشف المشركون وانهزموا وجعل نساء المشركين يشددن في الجبل ويرفعن عن سوقهن قد بدت خلاخيلهن فجعل الرماة يقولون الغنيمة الغنيمة وكان النبي صلى الله عليه وسلّم قد قال لهم لا تبرحوا من هنا ولو رأيتمونا تخطفنا الطير فقال لهم عبد الله بن جبير وقوم منهم اتقوا الله واثبتوا كما أمركم نبيكم فعصوا وخالفوا وانصرفوا يريدون النهب وخلوا ظهور المسلمين للخيل وجاء خالد في جريدة خيل من خلف المسلمين حيث كان الرماة فحمل على الناس ووقع التخاذل وصيح في المسلمين من مقدمتهم ومن ساقتهم وصرخ صارخ قتل محمد فتخاذل الناس واستشهد من المسلمين سبعون وتحيز رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أعلى الجبل وتحاوز الناس هذا مختصر من القصة يتركب عليه تفسير الآيات وأمر أحد مستوعب في السير وليس هذا التعليق مما يقتضي ذكره وتبوىء معناه تعين لهم مقاعد يتمكنون فيها ويثبتون وقوله سبحانه مقاعد جمع مقعد وهو مكان القعود وهذا بمنزلة قولك مواقف ولكن لفظة القعود أدل على الثبوت ولا سيما أن الرماة إنما كانوا قعودا وكذلك كانت صفوف المسلمين أولا والمبارزة والسرعان يجولون وقوله تعالى والله سميع أي ما تقول وما يقال لك وقت المشاروة وغيره وهمت معناه أرادت ولم تفعل والفشل في هذا الموضع