ثوبا على عري كساه الله من حضر الجنة وأيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة وأيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم انتهى وقوله تعالى والله لا يحب كل كفار أثيم يقتضي الزجر للكفار المستحلين للربا ووصف الكفار بأثيم إما مبالغة من حيث اختلف اللفظان وإما ليذهب الاشتراك الذي في كفار إذ قد يقع على الزارع الذي يستر الحب في الأرض قاله ابن فورك ولما انقضى ذكر الكافرين عقب سبحانه بذكر ضدهم ليبين ما بين الحالتين فقال إن الذين آمنوا الآية وقد تقدم تفسير مثل هذه الألفاظ وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا الآية سبب هذه الآية أنه لما افتتح النبي صلى الله عليه وسلّم مكة قال في خطبته اليوم الثاني من الفتح الأكل ربا في الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس فبدأ صلى الله عليه وسلّم بعمه وأخص الناس به وهذه من سنن العدل للإمام أن يفيض العدل على نفسه وخاصته فيستفيض في الناس ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة واستعمل على مكة عتاب بن أسيد فلما استنزل صلى الله عليه وسلّم أهل الطائف بعد ذلك إلى الإسلام اشترطوا شروطا وكان في شروطهم أن كل ربا لهم على الناس فإنهم يأخذونه وكل ربا عليهم فهو موضوع فيروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قرر لهم هذه ثم ردها الله بهذه الآية كما رد صلحه لكفار قريش في رد النساء إليهم عام الحديبية وذكر النقاش رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمر أن يكتب في أسفل الكتاب لثقيف لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم فلما جاءت آجال رباهم بعثوا إلى مكة للإقتضاء وكانت على بني المغيرة المخزوميين فقال بنو المغيرة لا نعطي شيأ فإن الربا قد وضع ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد بمكة