به مما يباع ويشتري وقد شبهها سبحانه بذلك المتاع الذي يدلس به على المستام ويغير حتى يشتريه إشارة إلى غاية رداءتها عند من أمعن النظر فيها : إذا أمتحن الدنيا لبيب تكشفت له عن عدو في ثياب صديق وعن قتادة هي متاع متروك أو شكت والله أن تضمحل عن أهلها فخذوا من هذا المتاع طاعة الله تعالى إن إستطعتم ولا قوة إلا بالله وعن علي كرم الله تعالى وجهه هي لين مسها قاتل سمها وقيل : الدنيا ظاهرها مظنة السرور وباطنها مطية الشرور وذكر بعضهم أن هذا التشبيه بالنسبة لمن آثرها على الآخرة وأما من طلب بها الآخرة فهي له متاع بلاغ وفي الخبر نعم المال الصالح للرجل الصالح والغرور مصدر أو جمع غار لتبلون جواب قسم محذوف أي والله لتختبرن والمراد لتعاملن معاملة المختبر ليظهر ما عندكم من الثبات على الحق والأفعال الحسنة ولا يصح حمل الإبتلاء على حقيقته لأنه محال على علام الغيوب كما مر والخطاب للمؤمنين أو لهم معه وإنما أخبرهم سبحانه بما سيقع ليوطنوا أنفسهم على إحتماله عند وقوعه ويستعدوا للقائه ويقابلوه بحسن الصبر والثبات فإن هجوم البلاء مما يزيد في اللاواء والإستعداد للكرب مما يهون الخطب ولتحقيق معنى الإبتلاء لهذا التهوين أتى بالتأكيد وقد يقال : أتى به لتحقيق وقوع المبتلى به مبالغة في الحث على ما أريد منهم من التهيؤ والإستعداد وعلى أي وجه فالجملة مسوقة لتسلية أولياء الله تعالى عما سيلقونه من جهة أعدائه سبحانه إثر تسليتهم عما وقع منهم وقيل : إنما سيقت لبيان أن الدنيا دار محنة وإبتلاء وأنها إنما زويت عن المؤمنين ليصبروا فيؤجروا إثر بيان أنها متاع الغرور ولعل الأول أولى كما لا يخفى والواو المضمومة ضمير الرفع ولام الكلمة محذوفة لعلة تصريفية وإنما حركت هذه الواو دفعا للثقل الحاصل من إلتقاء الساكنين وكان ذلك بالضم ليدل على المحذوف في الجملة ولم تقلب الواو ألفا مع تركها وإنفتاح ما قبلها لعروض ذلك في أموالكم بالفرائض فيها والحوائج وأقتصر بعض على الثاني مدعيا أن الأول الممثل في كلامهم بالإنفاق المأمور به في سبيل الله تعالى والزكاة لا يليق نظمه في سلك الإبتلاء لما أنه من باب الإضعاف لا من قبيل الإتلاف وفيه نظر تقدم في البقرة الإشارة إليه وعن الحسن الإقتصار على الأول والأولى القول بالعموم و في أنفسكم بالقتل والجراح والأسر والأمراض وفقد الأقارب وسائر ما يرد عليها من أصناف المتاعب والمخاوف والشدائد وقدم الأموال على الأنفس للترقي إلى الأشرف أو لأن الرزايا في الأموال أكثر من الرزايا في الأنفس ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم أي من قبل إيتائكم القرآن وهم اليهود والنصارى والتعبير عنهم بذلك إما للإشعار بمدار الشقاق والإيذان بأن ما يسمعونه منهم مستند على زعمهم إلى الكتاب وإما للإشارة إلى عظم صدور ذلك المسموع منهم وشدة وقعه على الأسماع حيث أنه كلام صدر ممن لا يتوقع صدوره منه لوجود زاجر عنه معه وهو إيتاؤه الكتاب كما قيل : والتصريح بالقبلية إما لتأكيد الإشعار وتقوية المدار وإما للمبالغة في أمر الزاجر عن صدور ذلك المسموع من أولئك المسمعين ومن الذين أشركوا وهم كفار العرب أذى كثيرا كالطعن في الدين وتخطئة من آمن والإفتراء على الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والتشبيب بنساء المؤمنين وإن تصبروا