هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان أي هم يوم إذا قالوا لو نعلم الخ أقرب للكفر منهم قبل ذلك لظهور أمارته عليهم بانخذالهم عن نصر المؤمنين واعتذارهم لهم على وجه الدغل والإستهزاء .
والظروف كلها في المشهور عند المعربين متعلقة بأقرب ومن قواعدهم أنه لا يتعلق حر فاجر أو ظرفان بمعنى بمتعلق واحد إلا في ثلاث صور إحداها أن يتعلق أحدهما به مطلقا ثم يتعلق به الآخر بعد تقييده بالأول وثانيتها أن يكون الثاني تابعا للأول ببدلية ونحوها وثالثتها أن يكون المتعلق أفعل تفضيل لتضمنه الفاضل والمفضول الذي يجعله بمنزلة تعدد المتعلق كما في المقيد والمطلق وما نحن فيه من هذا القبيل كأنه قيل قربهم من الكفر يزيد على قربهم من الإيمان واللام الجارة في الموضعين بمعنى إلى بناءا على ما قيل إن صلة القرب تكون من وإلى لا غير تقول قرب منه وإليه ولا تقول له أو على حالها بناءا على ما في الدر المصون أن القرب الذي هو ضد البعد يتعدى بثلاثة أحرف اللام وإلى من وقيل إن أقرب هنا من القرب بفتح الراء وهو طلب الماء ومنه القارب لسفينته وليلة القرب أي الورود والمعنى هم أطلب للكفر وحينئذ يتعدى باللام اتفاق .
وزعم بعضهم أن اللام هنا للتعليل والتقدير هم لأجل كفرهم يومئذ أقرب من الكافرين منهم من المؤمنين لأجل إيمانهم ولا ينبغي أن يخرج كلام الله تعالى عليه لمزيد بعده وركاكة نظمه لو صرح بما حذف فيه .
وجوز أن يقدر في الكلام مضاف وهو أهل واللام متعلقة بتمييز محذوف وهو نصرة والمعنى هم لأهل الكفر أقرب نصرة منهم لأهل الإيمان إذ كان إنخذالهم ومقالهم تقوية للمشركين وتخذيلا للمؤمنين وهذا كما تقول أنا لزيد أشد ضربا مني لعمرو وأنت تعلم أنه يمكن تعلق اللام بالتمييز عند عدم اعتبار حذف المضاف أيضا وادعى الواحدي أن في الآية دليلا على أن الآتي بكلمة التوحيد لا يكفر لأنه تعالى لم يظهر القول بتكفيرهم .
وقال الحسن إذ قال الله تعالى أقرب فهو لليقين بأنهم مشركون ولا يخفى أن الآية كالصريح في كفرهم لكنهم مع هذا لا يستحقون أن يعاملوا بذلك معاملة الكفار ولعله لأمر آخر يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم جملة مستأنفة مبينة لحالهم مطلقا لا في ذلك اليوم فقط ولذا فصلت وقيل حال من ضمير أقرب وتقييد القول بالأفواه إما بيان لأنه كلام لفظي لا نفسي وإما تأكيد على حد ولا طائر يطير بجناحيه والمراد أنهم يظهرون خلاف ما يضمرون وقال شيخ الإسلام إن ذكر الأفواه والقلوب تصوير لنفاقهم وتوضيح لمخالفة ظاهرهم لباطنهم وإن ما عبارة عن القول والمراد به إما نفس الكلام الظاهر في اللسان تارة وفي القلب أخرى فالمثبت والمنفي متحدان ذاتا وصفة وإن اختلفا مظهرا وإما القول الملفوظ فقط فالمنفي حينئذ منشؤه الذي لا ينفك عنه القول أصلا وإنما عبر عنه به إبانة لما بينهما من شدة الإتصال والمعنى يتفوهون بقول لا وجود له أو لمنشئه في قلوبهم أصلا من الأباطيل التي من جملتها ما حكى عنهم آنفا فإنهم أظهروا فيه أمرين ليس في قلوبهم شيء منهما أحدهما عدم العلم بالقتال والآخر الإتباع على تقدير العلم به وقد كذبوا فيهما كذبا بينا حيث كانوا عالمين به مصرين مع ذلك على الإنخذال عازمين على الإرتداد واختار بعضهم كون ما عبارة عن القول الملفوظ ومعنى كونه ليس في قلوبهم أنه غير معتقد لهم ولا متصور عندهم إلا كتصور زوجية الثلاثة مثلا والحكم عام ويدخل فيه حكم ما تفوهوا به من مجموع القضية الشرطية لا خصوص المقدم فقط ولا خصوص