الكلمة ليضر استشهاد المختارين للخروج في المقصود لجواز أن يكون من قبيل قولك لقبيلة أنتم قتلتم فلانا والقاتل منهم أناس مخصوصون لم يوجدوا وقت الخطاب ومثل ذلك كثير في المحاورات على أن كون مصيبة المتفوهين هي قتل أولئك المستشهدين نص في التأسف عليهم فيناسبه التعريض بهم بنسبة القصور إليهم ليهون هذا التأسف وليعلموا أن شؤم الإنحراف عن سمت إرادة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يعم الكبير والصغير بل ربما يقال إن استشهاد أولئك المصرين شاهد على أنهم هم الذين كانوا سببا في تلك المصيبة ولهذا استشهدوا ليذهبوا إلى ربهم على أحسن حال .
هذا ولا يخفى أن هذا الجواب لا يخلو عن تكلف وكأن الداعي إليه أن الذاهبين إلى تفسير من عند أنفسكم وبالخروج من المدينة وتبعية أبي سفيان وقومه جماعة أجلاء يبعد نسبة الغلط إليهم فقد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن وابن جريج وأخرجه ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس فتدبر إن الله على كل شيء قدير 165 ومن جملته النصر عند الموافقة والخذلان عند المخالفة وحيث خالفتم أصابكم سبحانه بما أصابكم والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبلها داخل تحت الأمر وقيل المراد منها تطييب أنفسهم ومزج مرارة التقريع بحلاوة الوعد أي أنه سبحانه قادر على نصرتكم بعد لأنه على كل شيء قدير فلا تيأسوا من روح الله واعتناءا بشأن التطييب وإرشادا لهم إلى حقيقة الحال فيما سألوا عنه وبيانا لبعض ما فيه من الحكم ورفعا لما عسى أن يتوهم من الجواب من استقلالهم في وقوع الحادثة رجع إلى خطابهم برفع الواسطة وجواب سؤالهم بأبسط عبارة فقال سبحانه وما أصابكم أيها المؤمنون من النكبة بقتل من قتل منكم يوم التقى الجمعان أي جمعكم وجمع أعدائكم المشركين والمراد بذلك اليوم يوم أحد وقول بعضهم لا يبعد أن يراد به يوم أحد ويوم بدر بعيدا جدا فبإذن الله أي بإرادته وقيل بتخليته وما اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع بالإبتداء وجملة أصابكم صلته وبإذن الله خبره .
والمراد بإذن الله يكون ويحصل ودخول الفاء لتضمن معنى الشرط ووجه السببية ليس بظاهر إذ الإصابة ليست سببا للإرادة ولا للتخلية بل الأمر بالعكس فهو من قبيل وما بكم من نعمة فمن الله أي ذلك سبب للإخبار بكونه من الله لأن قيد الأوامر قد يكون للمطلوب وقد يكون للطالب وكذا الإخبار وإلى هذا ذهب كثير من المحققين وادعى السمين أن في الكلام إضمارا أي فهو بإذن الله ودخول الفاء لما تقدم ثم قال وهذا مشكل على ما قرره الجمهور لأنه لا يجوز عندهم دخول هذه الفاء زائدة في الخبر إلا بشروط منها أن تكون الصلة مستقبلة في المعنى وذلك لأن الفاء إنما دخلت للشبه بالشرط والشرط إنما يكون في الإستقبال لا في الماضي فلو قلت الذي أتاني أمس فله درهم لم يصح و أصابكم هنا ماض معنى كما أنه ماض لفظا لأن القصة ماضية فكيف جاز دخول هذه الفاء وأجابوا عنه بأنه يحمل على التبين أي وما يتبين إصابته إياكم فهو بإذن الله كما تأولوا إن كان قميصه قد من دبر بذلك ثم قال وإذا صح هذا التأويل فليجعل ما هنا شرطا صريحا وتكون الفاء داخلة وجوبا لكونها واقعة جوابا للشرط انتهى ولا يخفى ما فيه وليعلم المؤمنين 166 عطف علي بإذن الله من عطف السبب على المسبب والمراد ليظهر للناس ويثبت لديهم إيمان المؤمن