كما هو الظاهر الأنسب عند البعض بالتوبيخ على الإنخذال بسبب الأرجاف بقتله صلى الله تعالى عليه وسلم .
وإليه ذهب قتادة والربيع وإبن أبي إسحاق والسديكما قيلفهما للباقين أيضا إن أعتبر كون الربيين مع النبي في القتل وللجميع إن أعتبر كونهم معه في القتال وما ضعفوا أي ما فتروا عن الجهاد قاله الزجاج وقيل : ما عراهم ضعف في الدين بأن تغير إعتقادهم لعدم النصر وما أستكانوا أي ما أرتدوا عن بصيرتهم ولا عن دينهم قاله قتادة وقيل : ما خضعوا لعدوهم وإليه يشير كلام إبن عباس وكثيرا ما يستعمل إستكان بهذا المعنى وكذا بمعنى تضرع وأختلف فيه هل هو من السكون فوزنه أفتعل لأن الخاضع يسكن لمن خضع له فألفه للأشباع وهو كثير وليس بخطأ خلافا لأبي البقاء ولا يختص بالشعر خلافا لأبي حيان أو من الكون فوزنه أستفعل وألفه منقلبة عن واو والسين مزيدة للتأكيد كأنه طلب من نفسه أن يكون لمن قهره وقيل : لأنه كالعدم فهو يطلب من نفسه الوجود .
وجوز أن يكون من قول العرب : بات فلانبكينة سوءأي بحالة سوء أو منكأنه يكينهإذا أذله وعزى ذلك إلى الأزهري وأبي علي وحينئذ فألفه منقلبة عن ياء والجمهور على فتح الهاء من وهنوا وقريء بكسرها وهي لغة والفتح أشهر و قريء بإسكانها على تخفيف المكسور وفي الكلام تعريض لا يخفى والله يحب الصابرين 641 على مقاساة الشدائد ومعاناة المكاره في سبيله فينصرهم ويعظم قدرهم .
والمراد بالصابرين إما الربيون والإظهار في موضع الإضمار للتصريح بالثناء عليهم بالصبر الذي هو ملاك الأمر مع الإشعار بعلة الحكم وإما ما يعمهم وغيرهم وهم داخلون في ذلك دخولا أوليا .
والجملة على التقديرين تذييل لما قبلها وقوله تعالى : وما كان قولهم كالتتميم والمبالغة في صلابتهم في الدين وعدم تطرق الوهن والضعف إليهم بالكلية وهو معطوف على ما قبله وقيل : كلام مبين لمحاسنهم القولية إثر بيان محاسنهم الفعلية و قولهم بالنصب خبر لكان وأسمها المصدر المتحصل من أن وما بعدها في قوله تعالى : إلا أن قالوا والإستثناء مفرغ من أعم الأشياء أيما كان قولهمفي ذلك المقام وإشتباك أسنة الشدائد والآلام إلا أن قالوا ربنا أغفر لنا ذنوبنا أي صغائرنا وإسرافنا في أمرنا أي تجاوزنا عن الحد والمراد كبائرنا وروى ذلك عن الضحاك وقيل : الإسراف تجاوز في فعل ما يجب والذنب عام فيه وفي اتقصر وقيل : إنه يقابل الإسراف وكلاهما مذموم وسيأتي في هده السورة إن شاء الله تعالى إطلاق الذنوب على الكبائر فأفهم .
والظرف متعلق بما عنده أو حال منه وإنما أضافوا ذلك إلى أنفسهم مع أن الظاهر أنهم برءا من التفريط في جنب الله تعالى هضما لأنفسهم وإستقصارا لهمهم وسسنادا لما أصابهم إلى أعمالهم على أنه لا يبعد أن يراد بتلك الذنوب وذلك الإسراف ما كان ذنبا وإسرافا على الحقيقة لكن بالنسبة إليهم وحسنات الأبرار سيئات المقربين وقيل : أرادوا من طلب المغفرة طلب قبول أعمالهم حيث أنه لا يجب على الله تعالى شيء وفيه ما لا يخفى وقدموا الدعاء بالمغفرة على ما هو الأهم بحسب الحال من الدعاء بقوله سبحانه : وثبت أقدامنا أي عند جهاد أعدائك بتقوية قلوبنا وإمدادنا بالمدد الروحاني من عندك وأنصرنا على القوم الكافرين 741