ثم قال : اللهم إني أعتذر إليك مما قال هؤلاء يعني المسلمينوأبرأ إليك عما قال هؤلاءيعني المنافقينثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل رضي الله تعالى عنه .
وروى أن أول من عرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كعب بن مالك قال : عرفت عينيه تحت المغفر تزهران بأعلى صوتي يامعشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأشار إلي أن أسكت فأنحازت إليه طائفة من أصحابه رضي الله تعالى عنهم فلامهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على الفرار فقالوا : يارسول الله فديناك بآبائنا وأبنائنا أتانا الخبر بأنك قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين فأنزل الله تعالى هذه الآية و محمد علم لنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم منقول من أسم المفعول من حمد المضاعف لغة سماه به جده عبدالمطلب السابع ولادته لموت أبيه قبلها ولما سئل عن ذلك قال لرؤية رآها : رجوت أن يحمد في السماء والأرض ومعناه قبل النقل من يحمد كثيرا وضده المذمم وفي الخبر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : ألم تروا كيف صرف الله تعالى عني لعن قريش وشتمهم يشتمون مذمما وأنا محمد .
وقد جمع هذا الأسم الكريم من الإسرار مالا يحصى حتى قيل : إنه يشير إلى عدة الأنبياء كإشارته إلى المرسلين منهم عليهم الصلاة والسلام وعبر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم بهذا الأسم هنا لأنه أول أسمائه وأشهرها وبه صرخ الصارخ وهو مرفوع على الإبتداء وخبره ما بعد إلا ولا عمللمابالإتفاق لإنتقاض نفيه بإلا وأختلفوا في القصر هل هو قصر قلب أم قصر إفراد فذهب العلامة الطيبي وجماعة إلى أنه قصر قلب لأنه جعل المخاطبون بسبب ما صدر عنهم من النكوص على أعقابهم عند الإرجاف بقتل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كأنهم أعتقدوا أن محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم ليس حكمه حكم سائر الرسل المتقدمة في وجوب إتباع دينهم بعد موتهم بل حكمه على خلاف حكمهم فأنكر الله تعالى عليهم ذلك وبين أن حكم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حكم من سبق من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين في أنهم ماتوا وبقى أتباعهم متمسكين بدينهم ثابتين عليه فتكون جملة قد خلت إلخ صفة لرسول منبئة عن كونه صلى الله تعالى عليه وسلم في شرف الخلو فإن خلو مشاركيه في منصب الرسالة من شواهد خلوه لا محالة كأنه قيل : قد خلت من قبله أمثاله فسيخلو كما خلوا والقصر منصب على هذه الصفة فلا يرد أنه يلزم من قصر القلب أن يكون المخاطبون منكرين للرسالة لأن ذلك ناشيء من الذهول عن الوصف وقيل : الجملة في موضع الحال من الضمير في رسول والإنضباب هو الإنصباب .
وذهب صاحب المفتاح إلى أنه قصر إفراد إخراجا للكلام على خلاف مقتضى الظاهر بتنزيل إستعظامهم عدم بقائه منزلة إستبعادهم إياه وإنكارهم له حتى كأنهم أعتقدوا فيه وصفين الرسالة والبعد عن الهلاك فقصر على الرسالة نفيا للبعد عن الهلاك وأعترض بأنه يتعين على هذا جعل جملة قد خلت مستأنفة لبيان أنه ليس بعيدا عن عدم البقاء كسائر الرسل إذ على إعتبار الوصف لا يكون إلا قصر قلب لإنصباب القصر عليه وكون الجملة مستأنفة بعيد لمخالفته القاعدة في الجمل بعد النكرات وأجيب بأن ذلك ليس بمتعين لجواز أن تكون صفة أيضا مؤكدة لمعنى القصر متأخرة عنه في التقدير وقرأ إبن عباسرسلبالتنكير أفائن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم الهمزة للإنكار والفاء إستئنافية أو لمجرد التعقيب والإنقلاب على الأعقاب في الأصل الرجوع القهقري وأريد به الإرتداد والرجوع إلى ما كانوا عليه من الكفر في المشهور والغرض إنكار إرتدادهم عن الدين بخلوه بموت أو قتل بعد علمهم بخلو الرسل قبله وبقاء دينهم