نداولها بين الناس كافة ليكون كيت وكيت من الحكم الداعية إلى تلك الإفراد وليعلم إلخ فاللام الأولى متعلقة بالفعل المطلق بإعتبار تقييده بتلك الأفراد والثانية بإعتبار تقييده بالفرد المعهودقاله مولانا شيخ الإسلاموجوزوا أن يكون الفعل معطوفا على ما قبله بإعتبار المعنى كأنه قيل : داولت بينكم الأيام لأن هذه عادتنا وليعلم إلخ وقيل : إن الفعل المعلل به محذوف ويقدر مؤخرا والتقدير وليعلم الله الذين آمنوا فعل ذلك ومنهم من زعم زيادة الواو وهم من ضيق المجال والكلام من باب التمثيل أي ليعاملكم معاملة من يريد أن يعلم المخلصين الثابتين على الإيمان من غيرهم والعلم فيه مجاز عن التمييز من باب إطلاق أسم السبب على المسبب أي ليميز الثابتين على الإيمان من غيرهم وحمل العلم على التمييز في حال التمثيل تطويل من غير طائل وأختار غير واحد حمل العلم على التعلق التنجيزي المترتب عليه الجراء وقد تقدم بعض الكلام على ذلك في البقرة .
وبالجملة لا يرد لزوم حدوث العلم الذي هو صفة قائمة بذاته تعالى وإطلاق الإيمان مع أن المراد هو الرسوخ والإخلاص فيه للإشعار بأن أسم الإيمان لا ينطلق على غيره .
وزعم بعضهم أن التقدير ليعلم الله المؤمن من المنافق إلا أنه أستغنى بذكر أحدهما عن الآخر ولا حاجة إليه ومثله القول بحذف المضاف أي صبر الذين والإلتفات إل الغيبة بإسناده إلى الأسم الجليل لتربية المهابة والإشعار بأن صدور كل واحد مما ذكر بصدد التعليل منأفعاله تعالى بإعتبار منشأ معين من صفاته التي أستجمعها هذا الأسم الأعظم مغاير لمنشأ الآخر ويتخذ منكم شهداء جمع شهيد وهو قتيل المعركة وأراد بهم شهداء أحد كما قاله الحسن وقتادة وإبن إسحاق و من إبتدائية أو تبعيضية متعلقةبيتخذأو بمحذوف وقع حالا من شهداء وقيل : جمع شاهد أي ويتخذ منكم شهودا معدلين بما ظهر من الثبات على الحق والصبر على الشدائد وغير ذلك من شواهد الصدق ليشهدوا على الأمم يوم القيامة و من على هذا بيانية لأن تلك الشهادة وظيفة الكل كما يشير إليه قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويؤيد الأول ما أخرجه إبن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أبطأ عل ىالنساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا رجلان مقتولان على دابة أو على بعير فقالت أمرأة من الأنصار : من هذان قالوا : فلان وفلان أخوها وزوجها أو زوجها وإبنها فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قالوا : حي قالت : فلا أبالي يتخذ الله تعالى من عباده الشهداء ونزل القرآن على ما قالت : و يتخذ منكم شهداء وكنى بالإتخاذ عن الإكرام لأن من إتخذ شيئا لنفسه فقد أختاره وأرتضاه فالمعنى ليكرم أناس منكم بالشهادة والله لا يحب الظالمين 041 أي يبغضهم والمراد من الظالمين إما المنافقون كإبن أبي وأتباعه الذين فارقوا جيش الإسلام على ما نقلناه فيما قبل فهم في مقابلة المؤمنين فيما تقدم المفسر بالثابتين على الإيمان الراسخين فيه الذين توافق ظواهرهم بواطنهم وإما بمعنى الكافرين المجاهرين بالكفر وأيا ما كان فالجملة معترضة لتقرير مضمون ما قبلها وفيها تنبيه على أنه تعالى لا ينصر الكافر على الحقيقة وإنما يغلبه أحيانا إستدراجا وإبتلاءا للمؤمن وأيضا لو كانت النصرة دائما للمؤمنين لكان الناس يدخلون في الإيمان على سبيل اليمن والفأل والمقصود غير ذلك وليمحص الله الذين آمنوا أي ليطهرهم من