إبن عمة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وعثمان بن شماس وسعد مولى عتبة رضي الله تعالى عنهم وسبعون من الأنصار وقيل : لا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة ولا يخفى بعده والظاهر أن حقيقة النهي غير مرادة هنا بل المراد التسلية والتشجيع وإن أريدت الحقيقة فلعل ذلك بالنسبة إلى ما يترتب على الوهن والحزن من الآثار الإختيارية أي لا تفعلوا ما يترتب على ذلك وأنتم الأعلون جملة حالية من فاعل الفعلين أي والحال أنكم الأعلون الغالبون دون أعدائكم فإن مصيرهم مصير أسلافهم المكذبين فهو تصريح بعد الإشعار بالغلبة والنصر .
حكى القرطبي أنهم لم يخرجوا بعد ذلك إلا ظفروا في كل عسكر كان في عهده E وكذا في كل عسكر كان بعد ولو لم يكن فيه إلا واحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أو المراد والحال أنكم أعلى منهم شأنا فإنكم على الحق وقتالكم لإعلاء كلمة الله تعالى وقتلاكم في الجنة وأنهم على الباطل وقتالهم لنصرة كلمة الشيطان وقتلاهم في النار وإشتراكهم على هذا في العلو بناءا على الظاهر وزعمهم وإذا أخذ العلو بمعنى الغلبة لا يحتاج إلى هذا لما أن الحرب سجال وأن العاقبة للمتقين وقيل : المراد وأنتم الأعلون حالا منهم حيث أصبتم منهم يوم بدر أكبر مما أصابوا منكم اليوم ومن الناس من جوز كون الجملة لا محل لها من الإعراب وجعلها معترضة بين النهي المذكور وقوله سبحانه : إن كنتم مؤمنين 931 لأنه متعلق به معنى وإن كان الجواب محذوفا أيإن كنتم مؤمنين فلا تهنوا ولا تحزنوافإن الإيمان يوجب قوة القلب ومزيد الثقة بالله تعالى وعدم المبالاة بأعدائه ولا يخفى أن دعوى التعلق مما لا بأس بها لكن الحكمبكون تلك الجملة معترضة معترض بالبعد ويحتمل أن يكون هذا الشرط متعلقابالأعلونوالجواب محذوف أيضا أي إن كنتم مؤمنينفأنتم الأعلونفإن الإيمان بالله تعالى يقتضي العلو لا محالة ويحتمل أن يراد بالإيمان التصديق بوعد الله تعالى بالنصرة والظفر على أعداء الله تعالى ولا إختصاص لهذا الإحتمال بالإحتمال الأخير من إحتمالي التعلق كما يوهمه صنيع بعضهم وعلى كل تقدير المقصود من الشرط هنا تحقيق المعلق به كما في قول الأجير : إن كنت عملت لك فأعطني أج ري أو من قبيل قولك لولدك : إن كنت إبني فلا تعصني وحمل بعضهم الشرط على التعليل أي لا تهنوا ولا تحزنوا لإجل كونكم مؤمنين أو وأنتم الأعلون لأجل ذلك والقول بأن المراد إن بقيتم على الإيمان ليس له كمال ملاءمة للمقام إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله قرأ حمزة والكسائي وإبن عياش عن عاصم بضم القاف والباقون بالفتح وهما لغتانكالدف والدف والضعف والضعفوقال الفراء : القرح بالفتح الجراحة وبالضم ألمها ويقرأ بضم القاف والراء على الإتباع كاليسر واليسر والطنب والطنبوقرأ أبو السمال بفتحهما وهو مصدر قرح يقرح إذا صار له قرحة والمعنى إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يثبطهم عن معاودتكم بالقتال وأنتم أحق بأن لا تضعفوا فإنكم ترجون من الله تعالى مالا يرجون والمضارع على ما ذهب إليه العلامة التفتازاني لحكاية الحال لأن المساس مضى وأما إستعمال إنفبتقدير كان أعي إن كان مسكم قرح و إن لا تتصرف فيكانلقوة دلالته على المضي أو على ما قيل : إن إن قد تجيء لمجرد التعليق من غير نقل فعله من الماضي إلى المستقبل وما وقع في موضع جواب الشرط ليس بجواب حقيقة لتحققه قبل هذا الشرط بل دليل الجواب والمراد إن كان مسكم قرح فذلك لا يصحح عذركم وتقاعدكم عن الجهاد بعد لأنه قد مس أعداءكم