لا يفترقان فخرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض مغازيه وخرج معه الثقفي وخلف الأنصاري في أهله وحاجته فكان يتعاهد أهل الثقفي فأقبل ذات يوم فأبصر أمرأة صاحبه قد أغتسلت وهي ناشرة شعرها فوقعت في نفسه فدخل ولم يستأذن حتى إنتهى إليها فذهب ليلثمها فوضعت كفها على وجهها فقبل ظاهر كفها ثم ندم وأستحيا فأدبر راجعا فقال : سبحان الله تعالى خنت خنت أمانتك وعصيت ربك ولم تصل إلى حاجتك قال : وندم على صنيعه فخرج يسيح في الجبال ويتوب إلى الله تعالى من ذنبه حتى وافى الثقفي فأخبرته أهله بفعله فخرج يطلبه حتى دل عليه فوافقه ساجدا وهو يقول : رب ذنبي ذنبي قد خنت أخي فقال له : قم يافلان فأنطلق إلى رسول الله فأسأله عن ذنبك لعل الله تعالى أن يجعل لك فرجا وتوبة فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة وكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل عليه السلام بتوبته فتلا والذين إذا فعلوا إلى قوله سبحانه وتعالى ونعم أجر العاملين فقال عمر رضي الله تعالى عنه : يارسول الله ألهذا الرجل خاصة أم للناس عامة فقال E : بل للناس عامة .
وفي رواية عطاء عن إبن عباس أن تيهان التمار أتته أمرأة حسناء تبتاع منه تمرا فضمها إلى نفسه وقبلها ثم ندم على ذلك فأتى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وذكر ذلك له فنزلت هذه الآية .
وأنت تعلم أنه لا مانع من تعدد سبب النزول وأيا ما كان فبإطلاق اللفظ ينتظم ما فعله الرماة إنتظاما أوليا وأخرج الترمذي عن عطاف بن خالد أنه قال : بلغني أنها لما نزلت صاح إبليس بجنوده وحثا على رأسه التراب ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر فقالوا : مالك ياسيدنا قال : آية نزلت في كتاب الله لا يضر بعدها أحدا من بني آدم ذنب قالوا : وما هي فأخبرهم قالوا : نفتح لهم باب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق فرضى منهم بذلك والموصول إما مفصول عما قبله على أنه مبتدأ وقيل : إنه معطوف على ما قبله من صفات المتقين وقوله سبحانه : والله يحب المحسنين إعتراض بينهما مشير إلى ما بينهما من التفاوت فإن درجة الأولين من التقوى أعلى وحظهم أو في أو على المتقين فيكون التفاوت أظهر واكثر والفاحشةالكبائر وظلم النفس الصغائر قاله القاضي عبدالجبار الهمداني وقيل : الفاحشة المعصية الفعلية وظلم النفس المعصية القولية وقيل : الفاحشة ما يتعدى ومنه إفشاء الذنب لأنه سبب إجتراء الناس عليه ووقوعهم فيه وظلم النفس ما ليس كذلك وقيل : الفاحشة كل ما يشتد قبحه من المعاصي والذنوب وتقال لكل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال وكثيرا ما ترد بمعنى الزنا وأصل الفحش مجاوزة الحد في السوء ومنه قول طرفة .
عقيلة مال الفاحش المتشدد يعني الذي جاوز الحد في البخل فلعل المراد منها هنا المعصية البالغة في القبح والظلم الذنب مطلقا وذكره بعدها من ذكر العام بعد الخاص وأو على الوجوه للتنويع ولا يرد أنه على بعض الوجوه الترديد بين الخاص والعام وقد توقف في قبوله لأنهم قالوا : إن هذا ترديد بين فرقتين من يستغفر للفاحشة ومن يستغفر لأي ذنب صدر عنه وكم بينهما وجواب إذا قوله تعالى شأنه : ذكروا الله أي تذكروا حقه العظيم ووعيده أو ذكروا العرض عليه أو سؤاله عن الذنب يوم القيامة أو نهيه أو غفرانه وقيل : ذكروا جماله فأستحيوا وجلاله فهابوا وقيل : ذكروا ذاته المقدسة عن جميع القبائح وأحبوا التقرب إليه بالمناسبة له بالتطهير من الذمائم وعلى كل تقدير ليس المراد مجرد ذكر أسمه عز أسمه