للكافرين 131 وهي الطبقة التي أشتد حرها وتضاعف عذابها وهي غير النار التي يدخلها عصاة أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فإنها دون ذلك وفيه إشارة إلى أن أكلة الربا على شفا حفرة الكفرة ويحتمل أن يقال : إن النار مطلقا مخلوقة للكافرين معدة لهم أولا وبالذات وغيرهم يدخلها على وجه التبع فالصفة ليست للتخصيص وإلى هذا ذهب الجل من العلماء روى عن الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول : إن هذه الآية هي أخوف آية في القرآن حيث أوعد الله تعالى المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه في إجتناب محارمه وليس بنص في التخصيص وأطيعوا الله في جميع ما أمركم به ونهاكم عنه فلا يتكرر مع الأمر بالتقوى السابق والرسول أي الذي شرع لكم الدين وبلغكم الرسالة فإن طاعته طاعة الله تعالى .
لعلكم ترحمون 231 اي لكي تنالوا رحمة الله تعالى أوراجين رحمته وعقب الوعيد بالوعد ترهيبا عن المخالفة وترغيبا في الطاعة قال محمد بن إسحاق : هذه الآية معاتبة للذين عصوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين أمرهم بما أمرهم في أحد ولعلهم الرماة الذين فارقوا المركز وسارعوا عطف على أطيعوا أو أتقوا .
وقرأ نافع وإبن عامر بغير واو على وجه الإستئناف وهي قراءة أهل المدينة والشام والقراءة المشهورة قراءة أهل مكة والعراق أي بادروا وسابقوا وقريء بالأخير إلى مغفرة من ربكم وجنة أي أسبابهما من الأعمال الصالحة وعن علي كرم الله تعالى وجهه سارعوا إلى أداء الفرائض وعن إبن عباس إلى الإسلام وعن أبي العالية إلى الهجرة وعن أنس بن مالك إلى التكبير فالأولى وعن سعيد بن جبير إلى أداء الطاعات وعن يمان إلى الصلوات الخمس وعن الضحاك إلى الجهاد وعن عكرمة إلى التوبة والظاهر العموم ويدخل فيه سائر الأنواع و تقديم المغفرة على الجنة لما أن التخلية مقدمة على التحلية وقيل : لأنها كالسبب لدخول الجنة و من متعلقة بمحذوف وقع نعتالمغفرةوالتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار مزيد اللطف بهم ووصف المغفرة بكونها من الرب دون الجنة تعظيما لأمرها وتنويها بشأنها وسبب نزول الآية على ما أخرجه عبد بن حميد وغيره عن عطاء بن أبي رباح أن المسلمين قالوا : يارسول الله بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله تعالى منا كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة داره أجدع أنفك أجدع أذنك أفعل كذا وكذا فسكت صلى الله تعالى عليه وسلم فنزلت هذه الآيات إلى قوله تعالى : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ألا أخبركم بخير من ذلكم ثم تلاها عليهم والتنوين في مغفرة للتعظيم ويؤيده الوصف وكذا في جنة ويؤيده أيضا وصفها بقوله سبحانه : عرضها السموات والأرض والمراد كعرض السموات والأرض فهو على حد قوله : حسبت بغام راحلتي عناقا وما هي ويب غيرك بالعناق فإنه أراد كصوت عناق والعرض أقصر الإمتدادين وفي ذكره دون ذكر الطول مبالغة وزاد في المبالغة بحذف أداة التشبيه وتقدير المضاف فليس المقصود تحديد عرضها حتى يمتنع كونها في السماء بل الكلام كناية عن غاية السعة بما هو في تصوير السامعين والعرب كثيرا ما تصف الشيء بالعرض إذا أرادوا وصفه بالسعة ومنه قولهم : أعرض في المكارم إذا توسع فيها والمراد من السموات والأرض السموات