إلا قصر حقيقة النصر كما في الأول أو النصر المعهود كما في الثاني على ذلك والقول بأنه متعلق بمحذوف والتقدير فعل ذلك التدبير أو أمدكم بالملائكة ليقطع منقطع عن القبول والقطع الإهلاك والمراد منالطرف طائفة منهم قيل : ولم يعبر عن تلك الطائفة بالوسط بل بالطرف لأن أطراف الشيء يتوصل بها إلى توهينه وإزالته وقيل : لأن الطرف أقرب إلى المؤمنين فهو كقوله تعالى : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وقيل : للإشارة إلى أنهم كانوا أشرافا ففي الأساس هو من أطراف العرب أي أشرافها ولعل إطلاق الأطراف على الأشراف لتقدمهم في السير ومن ذلك قالوا : الأطراف منازل الأشراف فلا يرد أن الوسط أيضا يشعر بالشرف فالمعنى ليهلك صناديد الذين كفروا ورؤساءهم المتقدمين فيهم بقتل وأسر وقد وقع ذلك في بدر كما قال الحسن والربيع وقتادة فقد قتل من أولئك سبعون وأسر سبعون وإعتبار ذلك في أحد حيث قتل فيه ثمانية عشر رجلا من رؤسائهم قول لبعضهم وقد أستبعدوه كما أشرنا إليه أو يكبتهم أي يخزيهم قاله قتادة والربيع : ومنه قول ذي الرمة : لم أنس من شجن لم أنس موقفنا في حيرة بين مسرور ومكبوت وقال الجبائي والكلبي : أي يردهم منهزمين وقال السدي : أي يلعنهم وأصل الكبت الغيظ والغم المؤثر وقيل : صرع الشيء على وجهه وقيل : إن كبته يكون بمعنى كبده أي أصاب كبده كرآه بمعنى أصاب رئته ومنه قوله المتنبي : لأكبت حاسدا وأرى عدوا كأنهما وداعك والرحيل والآية محمولة على ذلك ويؤيد هذا القول أنه قريء أو يكبدهم وأو للتنويع دون الترديد لوقوع الأمرين فينقلبوا خائبين 721 أي فينهزموا منقطعي الآمال فالخيبة إنقطاع الأمل وفرقوا بينها وبين اليأس بأن الخيبة لا تكون إلا بعد الأمل واليأس يكون بعده وقبله ونقيض الخيبة الظفر ونقيض اليأس الرجاء ليس لك من الأمر شيء أخرج غير واحد أن رباعية رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم السفلى اليمنى أصيبت يوم أحد أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في وجهه فكان سالم مولى أبي حذيفة أو علي كرم الله تعالى وجهه يغسل الدم والنبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقول كيف يفلح صنعوا هذا بنبيهم فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم عن إبن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : يوم أحد اللهم ألعن أبا سفيان اللهم ألعن الحرث بن هشام اللهم ألعن سهيل بن عمرو اللهم ألعن صفوان بن أمية فنزلت هذه الآية ليس لك من الأمر شيء إلخ فتيب عليهم كلهم وعن الجبائي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أستأذن يوم أحد أن يدعو على الكفار لما آذوه حتى أنه صلى الظهر ذلك اليوم قاعدا من الجراح وصلى المسلمون وراءه قعودا فلم يؤذن له ونزلت هذه الآية وقال محمد بن إسحاق والشعبي لما رأى صلى الله تعالى عليه وسلم والمسلمون ما فعل الكفار بأصحابه وبعمه حمزة من جدع الأنوف والآذان وقطع المذاكير قالوا لئن أدالنا الله تعالى منهم لنفعلن بهم مثل ما فعلوا بنا ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب قط فنزلت وعن إبن مسعود رضي الله تعالى عنه أراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد فنهاه الله تعالى عن ذلك وتاب عليهم ونزلت هذه الآية