وإليه ذهب إبن عطيةوجوز أن يكون الثاني منصوبا على الحال أي مخبلين أو على التميز .
وأعترض ذلك بأنه لا إبهام في نسبة التقصير إلى الفاعل ولا يصح جعله فاعلا إلا على إعتبار الإسناد المجازي والنصب بنزع الخافض ووقوع المصدر حالا ليس بقياس إلا فيما يكون المصدر نوعا من العامل نحو أتاني سرعة وبطئا كما نص عليه الرضى في بحث المفعول به والحالوأعتمده السيالكوتيونقل أبو حيان أن التمييز هنا محول عن المفعول نحو فجرنا الأرض عيونا وهو من الغرابة بمكان لأن المفروض أن الفعل لازم فمن أين يكون له مفعول ليحول عنه ! وملاحظة تعديه إليه بتقدير الحرف قول بالنصب على نزع الخافض وقد سمعت ما فيه .
وأجيب بإلتزام أحد الأمرين الحالية أو كونه منصوبا على النزع مع القول بالسماع هنا والمعنى على الثاني لا يمنعونكم خبالا أي أنهم يفعلون معكم ما يقدرون عليه من الفساد ولا يبقون عندهم شيئا منه في حقكم وهو وجه وجيه والتضمين قياسي على الصحيح والخلاف فيه واه لا يلتفت إليه والمعنى والإعراب على الثالث ظاهران بعد الإحاطة بما تقدم ودوا ما عنتم أي أحبوا عنتكم أي مشقتكم الشديدة وضرركم .
وقال السدي : تمنوا ضلالتكم عن دينكم وروى مثله عن إبن جرير .
قد بدت البغضآء من أفواههم .
أي ظهرت أمارات العداوة لكم من فلتات ألسنتهم وفحوى كلماتهم لأنهم لشدة بغضهم لكم لا يملكون أنفسهم ولا يقدرون أن يحفظوا ألسنتهم وقال قتادة : ظهور ذلك فيما بينهم حيث أبدى كل منهم ما يدل على بغضه للمسلمين لأخيه وفيه بعد إذ لا يناسبه ما بعده والأفواه جمع فم وأصله فوه فلامه هاء والجموع ترد الأشياء إلى أصولها ويدل على ذلك أيضا تضغيره على فويه والنسبة إليه فوهي وقرأ عبدالله قد بدا البغضاء وما تخفي صدورهم من البغضاء اكبر أي أعظم مما بدا لأنه كان عن فلتة ومثله لا يكون إلا قليلا قد بينا لكم الأيات أي أظهرنا لكم الآيات الدالة على النهي عن موالاة أعداء الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم أو قد أظهرنا لكم الدلالات الواضحات التي يتميز بها الولي من العدو إن كنتم تعقلون 811 أي إن كنتم من أهل العقل أو إن كنتم تعلمون الفضل بين لولي والعدو أو إن كنتم تعلمون مواعظ الله تعالى ومنافعها وجواب إن محذوف لدلالة الكلام عليه ثم إن هذه الجمل ما عدا وما تخفى صدورهم أكبر لأنها حال لا غير جاءت مستأنفات جوابا عن السؤال عن النهي وترك العطف بينها إيذانا بإستقلال كل منها في ذلك وقيل : إنها في موضع النعتلبطانةإلا قد بينا لظهور أنها لا تصلح لذلك والأول أحسن لما في الإستئناف من الفوائد وفي الصفات من الدلالة على خلاف المقصود أو إيهامه لا أقل وهو تقييد النهي وليس المعنى عليه وقيل : إن ودوا ما عنتم بيان وتأكيد لقوله : لا يألونكم خبالا فحكمه حكمه وما عدا ذلك مستأنف للتعليل على طريق الترتيب بأن يكون اللاحق علة للسابق إلى أن تكون الأولى علة للنهي ويتم التعليل بالمجموع أي لا تتخذوهم بطانة لأنهم لا يألونكم خبالا لأنهم يؤدون شدة ضرركم بدليل أنهم قد تبدو البغضاء من أفواههم وإن كانوا يخفون الكثير ولا بد على هذا من إستثناء قد بينا إذ لا يصح تعليلا لبدو البغضاء ويصلح تعليلا للنهي فأفهم ها أنتم أولآء تحبونهم ولا يحبونكم تنبيه على أن المخاطبين مخطئون في إتخاذهم بطانة وفي إعراب مثل هذا التركيب مذاهب للنحويين فقال الأزهري وإبن كيسان وجماعة : إن ها للتنبيه و أنتم مبتدأ