ما لا يستحقونه عدلا أو ينقصهم من الثواب عما أستحقوه فضلا والجملة مقررة لمضمون ما قبلها على أتم وجه حيث نكر ظلما ووجه النفي إلى إرادته بصيغة المضارع المفيد بمعونة المقام دوام الإنتفاء وعلق الحكم بآحاد الجمع المعرف وألتفت إلى الأسم الجليل والظلم وضع الشيء في غير موضعه اللائق به أو ترك الواجب وهو يستحيل عليه تعالى للأدلة القائمة على ذلك ونفي الشيء لا يقتضي إمكانه فقد ينفي المستحيل كما في قوله تعالى : لم يلد ولم يولد وقيل : الظاهر أن المراد أن الله لا يريد ما هوظلم من العباد فيما بينهم لا أن كل ما يفعل ليس ظلما منه لأن المقام مقام بيان أنه لا يضيع أجر المحسنين ولا يهمل الكافر ويجازيه بكفره ولو كان المراد أن كل ما يفعل ليس ظلما لا يستفاد هذا وفيه ما لا يخفى .
ولله ما في السموات وما في الأرض أي له سبحانه وحده ما فيهما من المخلوقات ملكا وخلقا وتصرفا والتعبير ب ما وللإيذان بأن غير العقلاء بالنسبة إلى عظمته كغيرهم وإلى الله ترجع الأمور 901 أي أمورهم فيجازي كلا بما تقتضيه الحكمة من الثواب والعقاب وتقديم الجار للحصر أي إلى حكم الله تعالى وقضائه لا إلى غيره شركة أو إستقلالا والجملة مقررة لمضمون ما ورد في جزاء الفريقين وقيل : معطوفة على ما قبلها مقررة لمضمونه والإظهار في مقام الإضمار لتربية المهابة وقرأ يحيى بن وثابترجعبفتح التاء وكسر الجيم في جميع القرآن كنتم خير أمة كلام مستأنف سيق لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الإتفاق على الحق والدعوة إلى الخير كذا قيل وقيل : هو من تتمة الخطاب الأول في قوله سبحانه وتعالى : ياأيها الذين آمنوا أتقوا الله حق تقاته وتوالت بعد هذا خطابات المؤمنين من أوامر ونواهي وأستطرد بين ذلك من يبيض وجهه ومن يسود وشيء من أحوالهم في الآخرة ثم عاد إلى الخطاب الأول تحريضا على الإنقياد والطواعية وكانناقصة ولادلالة لها في الأصل على غير الوجود في الماضي من غير دلالة على إنقطاع أو دوام وقد تستعمل للأزلية كما في صفاته تعالى نحو كان الله بكل شيء عليما وقد تستعمل للزوم الشيء وعدم إنفكاكه نحو وكان الإنسان أكثر شيء جدلا وذهب بعض النحاة إلى أنها تدل بحسب الوضع على الإنقطاع كغيرها من الأفعال الناقصة والمصحح هو الأول وعليه لا تشعر الآية بكون المخاطبين ليسوا خير أمة الآن وقيل : المراد كنتم في علم الله تعالى أو في اللوح المحفوظ أو فيما بين الأمم أي في علمهم كذلك وقال الحسن : معناه أنتم خير أمة وأعترض بأنه يستدعي زيادة كان وهي لا تزاد في أول الجملة أخرجت أي أظهرت وحذف الفاعل للعلم به للناس متعلق بما عنده وقيل : بخير أمة وجملة أخرجت صفة لامة وقيل : لخير والأول أولى والخطاب قيل : لأصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خاصة وإليه ذهب الضحاك وقيل : للمهاجرين من بينهم وهو أحد خبرين عن إبن عباس وفي آخر أنه عام لأمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ويؤيده ما أخرجه الإمام أحمد بسند حسن عن أبي الحسن كرم الله تعالى وجهه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمتي خير الأمم وأخرج إبن أبي حاتم عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه أن الآية في أهل بيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأخرج إبن جرير عن عكرمة أنها نزلت في إبن مسعود وعمار بن ياسر