ومالك وحي بن أخطب وأبو ياسر وشعبة بن عمرو الشاعر غير واما هو حجة عليهم من التوراة .
واختلف الناس في أن المحرف هل كان يكتب في التوراة أم لا فذهب جمع إلى أنه ليس في التوراة سوى كلام الله تعالى وأن تحريف اليهود لم يكن إلا تغييرا وقت القراءة او تأويلا باطلا للنصوص وأما أنهم يكتبون ما يرومون في التوراة على تعدد نسخها فلا واحتجوا لذلك بما أخرجه ابن المنذر وابن ابي حاتم عن وهب بن منبه أنه قال : إن التوراة والانجيل كما أنزلها الله تعالى لم يغير منهما حرف ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل وكتب كانوا يكتبونها من عند انفسهم ويقولون : إن ذلك من عند الله وما هو من عند الله فأما كتب الله تعالى فانها محفوظة لا تحول وبأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقول لليهود إلزاما لهم : ائتوا بالتوراة فتلوها إن كنتم صادقين وهم يمتنعون عن ذلك فلو كانت مغيرة إلى ما يوافق مرامهم ما امتنعوا بل وما كان يقول لهم ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأنه يعود على مطلبه الشريف بالابطال .
وذهب آخرون إلى أنهم بدلوا وكتبوا ذلك في نفس كتابهم واحتجوا على ذلك بكثير من الظواهر ولا يمنع من ذلك تعدد النسخ إما لاحتمال الطواطؤ أو فعل ذلك في البعض دون البعض وكذا لا يمنع منه قول الرسول لهم ذلك لاحتمال علمه صلى الله تعالى عليه وسلم ببقاء بعض ما يفي بغرضه سالما عن التغيير إما لجهلهم بوجه دلالته أو لصرف الله تعالى إياهم عن تغييره وأما ما روى عن وهب فهو على تقدير ثبوته عنه يحتمل أن يكون قولا عن اجتهاد أة ناشئا عن عدم استقراء تام ومما يؤيد وقوع التغيير في كتب الله تعالى وأنها لم تبق كيوم نزلت وقوع التناقض في الاناجيل وتعارضها وتكاذبها وتهافتها ومصادمتها بعضها ببعض فانها اربعة اناجيل : الأول إنجيل متي وهو من الاثني عشر الحواريين وإنجيله باللغةالسريانية كتبه بارض فلسطين بعد رفع المسيح إلى السماء بثماني سنين وعدة إصحاحاته ثمانية وستون إصحاحا والثاني إنجيل مرقس وهو من السبعين وكتب إنجيله باللغة الفرنجية بمدينة رومية بعد رفع المسيح باثنتي عشرة سنة وعدة إصحاحاته ثمانية واربعون إصحاحا والثالث إنجيل لوقا وهو من السبعين ايضا كتب إنجيله باللغة اليونانية بمدينة الاسكندرية بعد ذلك وعدة إصحاحاته ثلاثة وثمانون إصحاحا والرابع إنجيل يوحنا وهو حبيب المسيح كتب إنجيله بمدينة إقسس من بلاد رومية بعد رفع المسيح بثلاثين سنة وعدة إصحاحاته في النسخ القبطية ثلاثة وثلاثون إصحاحا وقد تضمن كل إنجيل من الحكايات والقصص ما أغفله الآخر واشتمل على أمور وأشياء قد اشتمل الآخر على نقيضها أو ما يخالفها وفيها ما تحكم الضرورة بأنه ليس من كلام الله تعالى اصلا فمن ذلك أن متى ذكر ان المسيح صلب وصلب معه لصان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وأنهما جميعا كانا يهزءان بالمسيح مع اليهود ويعيرانه وذكر لوقا خلاف ذلك فقال : إن أحدهما كان يهزأ به والآخر يقول له : أما تتقي الله تعالى أما نحن فقد جوزينا وأما هذا فلم يعمل قبيحا ثم قال للمسيح ياسيدي اذكرني في ملكوتك فقال : حقا إنك تكون معي اليوم في الفردوس ولا يخفى أن هذا يؤول إلى التناقض فان اللصين عند متي كافران وعند لوقا احدهما مومن والآخر كافر واغفل هذه القصة مرقس ويوحنا ومنه ان لوقا ذكر أنه قال يسوع : إن ابن الانسان لم يأت ليهلك نفوس الناس ولكن ليحيى وخالفه أصحابه وقالوا بل قال : إن ابن الانسان لم يات ليلقي على الارض سلامة لكن سيفا ويضرم فيها نارا ولا شك أن هذا تناقض أحدهما يقول جاى رحمة للعالمين والآخر يقول : جاء نقمة على الخلائق اجمعين ومن ذلك ان متى قال : قال يسوع للتلاميذ الاثني عشر أنتم الذين تكونون في الزمن الآتي جلوسا على اثني عشر