أصحابه في دينهم فقالوا : إنهم أهل الكتاب وهم أعلم به فيرجعون عن دينهم إلى دينكم وقال مجاهد ومقاتل والكلبي : كان هذا في شأن القبلة لما حولت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود فقال كعب بن الاشرف لأصحابه آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة وصلوا اليها أول النهار وارجعوا إلى قبلتكم آخره لعلهم يشكون والتعبير بما أنزل على بناءا على ما يقوله المؤمنون وإلا فهم يكذبون ولا يصدقون أن الله تعالى أنزل شيئا على المؤمنين وظاهر الآية يدل على وقوع أمر بعضهم لبعض أن يقولوا ذلك وأما امتثال الامر من المأمور فمسكوت عن بيان وقوعه وعدمه وعن بعضهم أن في الاخبار ما يدل على وقوعه .
ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم في نظم الآية ومعناها أوجه لخصها الشهاب من كلام بعض المحققين أحدها أن التقدير ولا تؤمنوا بأن يؤتي أحد مثل ما أوتيتم وهم المسلمون أوتوا كتابا سماويا كالتوراة ونبيا مرسلا كموسى وبأن يحاجوكم ويغلبوكم بالحجة يوم القيامة إلا لا تباعكم وحاصله أنهم نهوهم عن إظهار هذين الأمرين المسلمين لئلا يزدادوا تصلبا ولمشركي العرب لئلا يبعثهم على الاسلام واتي بأو على وزان ولا تطع منهم آثما أو كفورا وهو ابلغ .
والحمل على معنى حتى صحيح مرجوح وأتي بقوله تعالى : قل إن الهدى هدى الله معترضا بين الفعل ومتعلقة وفائدة الاعتراض الاشارة إلى أن كيدهم غير ضار لمن لطف الله تعالى به بالدخول في الاسلام أو زيادة التصلب فيه .
ويفيد أيضا ان الهدى هداه فهو الذي يتولى ظهوره يريدون ليطفؤ نور الله بأفواههم والله نوره فالمراد بالايمان إظهاره كما ذكره الزمخشري أو الاقرار اللساني كما ذكره الواحدي والمراد من التابعين المتصلب منهم وإلا وقع ما فروا منه وثانيها أن المراد ولا تؤمنوا هذا الايمان الظاهر الذي أتيتم به وجه النهار إلا لمن كان تابعا لدينكم اولا وهم الذين أسلموا منهم أي لاجل رجوعهم لانه كان عندهم أهم واوقع وهم فيه أرغب واطمع وعند هذا تم الكلام ثم قيل : إن الهدى هدى الله أي فمن يهدي الله فلا مضل له ويكون قوله تعالى : أن يؤتى الخ على هذا معللا لمحذوف أي لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يتصل به من الغلبة بالحجة يوم القيامة دبرتم ما دبرتم .
وحاصله أن داعيكم اليه ليس إلا الحسد وإنما أتى بأو تنبيها على استقلال كل من الامرين في غيظهم وحملهم على الحسد حتى دبروا ما دبروا ولو أتى بالواو لم تقع هذا الموقع للعلم بلزوم الثاني للأول لأنه إذا كان ما أوتوا حقا غلبوا يوم القيامة مخالفهم لا محالة فلم يكن فيه فائدة زائدة وأما أو فتشعر بأن كلا مستقل في الباعثية الحسد والاحتشاد في التدبير والحمل على معنى حتى ليس له موقع يروع السامع وإن كان وجها ظاهرا .
ويويد هذا الوجه قراءة ابن كثير أأن يؤتى بزيادة همزة الاستفهام للدلالة على انقطاعه عن الفعل واستقلاله بالانكار وفيه تقييد الايمان بالصادر أول النهار بقرينة إن الكلام فيه وتخصيص من تبع بمسلميهم بقرينة المضى فان غيرهم متبع دينهم الآن أيضا وعن الزمخشري أن أن يؤتى الخ من جملة المقول كأنه قيل : قل لهم هذين القولين ومعناه أكد عليهم أن الهدى ما فعل الله تعالى من إيتاء الكتاب غيركم وأنكر عليهم أن يمتعضوا من أن يؤتى أحد مثله كأنه قيل قل : إن الهدى هدى الله وقل لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم قلتم ما قلتم وكدتم ما كدتم وثالثها أن يقرر ولا تؤمنوا على ما قرر عليه الثاني ويجعل أن يؤتى خبر إن و هدى الله بدل من اسمها وأو بمعنى حتى على أنها غاية سببية وحينئذ لا ينبغي أن يخص عند ربكم بيوم القيامة بل بالمحاجة الحقة كما أشير اليه في البقرة ولو حملت على العطف لم يلتئم الكلام ورابعها أن يكون ولا تؤمنوا إلا لمن