هذه الآية وأخرج عيد بن حميد من طريق شهر بن حوشب قال : حدثني ابن غنم أنه لما خرج أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى النجاشي أدركهم عمرو بن العاص وعمارة بن ابي معيط فأرادو اعنتهم والبغي عليهم فقدموا على النجاشي وأخبروه أن هؤلاء الرهط الذين قدموا عليك من أهل مكة يريدون أن يحيلوا عليك ملكك ويفسدوا عليك أرضك ويشتموا ربك فأرسل اليهم النجاشي فلما أن أتوه قال : ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذا لعمرو بن العاص وعمارة بن أبي معبط يزعمان سنما جئتم لتحيلوا على ملكي وتفسدوا على أرضي فقال عثمان بن مظعون وحمزة : إن شئتم خلوا بين أحدنا وبين النجاشي فليكلمه أينا أحدثكم سنا فان كان صوابا فالله يأتي به وإن كان أمرا غير ذلك قلتم رجل شاب لكم في ذلك عذر فجمع النجاشي قسيسيه ورهبانيته وتراجمته ثم سألهم أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم ما يقول لكم وما يأمركم به وما ينهاكم عنه هل له كتاب يقرؤه قالوا : نعم هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله تعالى عليه وما قد سمع منه ويأمر بالمعروف ويأمر بحسن المجاورة ويأمر باليتيم ويأمر بأن يعبد الله تعالى وحده ولا يعبد معه إله آخر فقرأ عليه سورة الروم والعنكبوت وأصحاب الكهف ومريم فلما أن ذكر عيسى في القرآن أراد عمرو أن يغضبه عليهم قال : والله إنهم يشتمون عيسى ويسبونه قال النجاشي : ما يقول صاحبكم في عيسى : قال يقول : إن عيسى عبدالله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى كريم فأخذ النجاشي من سواكه قدر ما يقذي العين فخلف ما زاد المسيح على ما يقول صاحبكم بما يزن ذلك القذى في يده من نفثه سواكه فأبشروا ولا تخافوا فلا دهونة يعني بلسان الحبشة اللوم على حزب إبراهيم قال عمرو بن العاص : ما حزب إبراهيم قال : هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاءوا من عنده ومن اتبعهم فأتزلت ذلك اليوم في خصومتهم على رسول الله وهو بالمدينة إن أولى الناس بإبراهيم الآية ودت طائفة من أهل الكتب لو يضلونكم المشهور أنها نزلت حين دعا اليهود حذيفة وعمارا ومعاذا إلى اليهودية فالمراد بأهل الكتاب اليهود وقيل : المراد بهم ما يشمل الفريقين والآية بيان لكونهم دعاة إلى الضلالة إثر بيان أنهم ضالون وأخرج ابن المنذر عن سفيان أنه قال : كل شئ في آل عمران من ذكر أهل الكتاب فهو في النصارى ولعله جار مجرى الغالب و من للتبعيض والطائفة رؤساؤهم وأحبارهم وقيل : لبيان الجنس والطائفة جميعأهل الكتاب وفيه بعد و لو بمعنى أن المصدرية والمنسبك مفعول ود وجوز إقرارها على وضعها ومفعول ود محذوف وكذا جواب لو والتقدير ودت إضلالكم لو يضلونكم لسروا بذلك ومعنى يضلونكم يردونكم إلى كفركم قاله ابن عباس أو يهلكونكم قاله ابن جرير الطبري أو يوقعونكم في الضلال ويلقون إليكم ما يشككونكم به في دينكم قاله أبو علي وهو قريب من الاول وما يضلون إلا أنفسهم الواو للحال والمعنى على تقدير إرادة الاهلاك من الاضلال أنهم ما يهلكون إلا انفسهم لاستحقاقهم بإيثارهم إهلاك المؤمنين سخط الله تعالى وغضبه وإن كان المراد من الاهلاك الارتفاع في الضلال فيحتاج إلى تأويل لأن القوم ضالون فيؤدي إلى جعل الضال ضالا فيقال : إن المراد من الاضلال ما يعود من وباله إما على سبيل المجاز المرسل أو الاستعارة أي ما يتخطاهم الاضلال ولا يعود وباله اليهم لما أنهم يضاعف به عذابهم أو المراد بأنفسهم أمثالهم المجالسون لهم وفيه على ما قيل : الإخبار بالغيب فهو استعارة أو تشبيه بتقدير أنثال أنفسهم إذ لم يتهود مسلم ولله تعالى الحمد وقيل : إن معنى