لهم : أنصفوا واعترفوا بأنا على الدين الحق وهو تعجيز لهم أو هو تعريض بهم لأنهم إذا شهدوا بالاسلام لهم فكائنهم قالوا : إنا لسنا كذلك وإلى هذا ذهب بعض المحققين وقيل : المراد فان تولوا فقولوا : إنا لا نتحاشى عن الاسلام ولا نبالي بأحد في هذا الأمر فاشهدوا بأنا مسلمون فإنا لا نخفي إسلامنا كمت أنكم تخافون وتخفون كفركم ولا تعترفون به لعدم وثوقكم بنصر الله تعالى ولا يخفى أنهدا عل ما فيه إنما يحسن لو كان الكلام في منافقي أهل الكتاب لان المنافقين هم الدين يخافون فيخفون وأما هؤلاء فهم معترفون بما هم عليه كيف كان فلا يحسن هذا الكلام فيهم وتولوا هنا ماض ولا يجوز أن يكون التقدير تتولوا لفساد المعنى لان فقولوا خطاب للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمؤمنين وتتولوا خطاب للمشركين وعند ذلك لا يبقى في الكلام جواب يا أهل الكتب خطاب لليهود والنصارى لم تحاجون في إبراهيم أي تنازعون وتجادلون فيه ويدعى كل منكم أنه عليه السلام كان على دينه أخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فتنازعوا عنده فقالت الاحبار : ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية والظرف الاول متعلق بما بعده وكذا الثاني و ما استفهامية والغرض الانكار والتعجب عند السمين وحذفت ألفها لما دخل الجار للفرق بينها ةبين الموصولة والكلام على حذف مضاف أي دين إبراهيم أو شريعته لأن الذوات لا مجادلة فيها وما أنزلت التورية على موسى عليه السلام والانجيل على عيسى عليه السلام إلا من بعده حيث كان بينه وبين موسى عليهما السلام خمسمائة وخمس وستون سنة وقيل : سبعماية وقيل ألف سنة وبلين موسى وعيسى عليهما السلام ألف وتسعماية وخمس وعشرون سنة وقيل : ألفا سنة وهناك أقوال أخر أفلا تعقلون .
56 .
- الهمزة داخلة على مقدر هو المعطوف عليه بالعاطف المذكور على رأي أي ألا تتفكرون فلا تعقون بطلان قولكم أو أتقولون ذلك فلا تعقلون بطلانه وهذا تجهيل لهم في تلك الدعوى وتحميق وهو ظاهر إن كانوا قد ادعوا كما قال الشهاب إنه عليه السلام منهم حقيقة وإن كان مدعاهم أن دين إبراهيم يوافق دين موسى أو دين عيسى فهو يهودي أو نصراني بهذا المعنى فتجهليهم ونفي العقل عنهم بنزول التوراة والانجيل بعده مشكل إلا أن يدعى بأن المراد أنه لو كان الأمر كذلك لما أوتى موسى عليه السلام التوراة ولا عيسى عليه السلام الانجيل بل كانا يؤمران بتبليغ صحف إبراهيم كذا قيل كذا قيل وأنت تعلم أن هذا لا يشفى الغليل إذ لقائل أن يقول : أي مانع من اتحاد الشريعة مع إنزال هذين الكتابين لغرض آخر غير بيان شريعة جديدة على أن الصحف لم تكن مشتملة على الاحكام بل كانت أمثالا ومواعظ كما جاء في الحديث ثم ما قاله الشهاب إن كان وجه التجهيل عليه ظاهرا إلا أن صدور تلك الدعوى من أهل الكتاب في غاية ابعد لأن القوم لم يكونوا بهذه المثابة من الجهالة وفيهم أحبار اليهود ووفد نجران وقد ذكر أن الأخيرين كانت لهم شدة في البحث فقد أخرج لبن جرير عن عبدالله بن الحرث الزبيدي أنه قال : سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقول : ليت بيني وبين أهل نجران حجابا فلا أراهم ولا يروني من شدة ما كانوا يمارون النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الله