فقالوا : لا تنطقوا بهذا ورشوهم بفضة على كتمان القضية فقلبوا ذلك منهم وأشاعوا ان التلاميذ جاءوا وسرقوه ومهدت المشايخ عذرهم عند القائد ومضت الأحد عشر تلميذا إلى الخليل وقد شك بعضهم وجاء لهم يسوع وكلمهم وقال لهم : اذهبوا فعمدوا كل الأمم وعلموهم ما أوصيكم به وهو ذا أنا معكم إلى انفضاء الدهر انتهى .
وههنا أمور الأول انه يقال للنصارى : ما ادعيتموه من قتل المسيح وصلبه أتنقلونه تواترا او آحادا فان زعموا أنه آحادهم تتم بذلك حجة ولم يثبت العلم إذ الآحاد لم يؤمن عليهم السهو والغفلة والتواطؤ على الكذب وإذا كان الآحاد يعرض لهم ذلك فكيف يحتج بقولهم في القطعيات ! وإن عزوا ذلك إلى التواتر قلنا لهم : أحد شروط التواتر استواء الطرفين فيه والواسطة بأن يكون الاخبار في كل طبقة ممن لا يمكن مواطأته على الكذب فان زعمتم أن خبر قتل المسيح كذلك أكذبتم نصوص الانجيل الذي بايديكم إذ قال نقلته الذين دونوه لكم وعليه معولكم : إن المأخوذ للقتل كان في شرذمة قليلة من تلامذته فلما قبض عليه هربوا باسرهم ولم يتبعه سوى بطرس من بعيد فلما دخل الدار حيث اجتمعوا نظرت جارية منهم اليه فعرفته فقالت : هذا كان مع يسوع فحلف أنه لا يعرف يسوع ولا يقول بقوله وخادعهم حتى تركوه وذهب ولم يكد يذهب وأن شابا آخر تبعه وعليه إزار فتعلقوا به فترك إزاره بايديهم وذهب عريانا فهؤلاء اصحابه وأتباعه لم يحضر أحد منهم بشهادة الإنجيل وأما أعداؤه اليهود الذين تزعمون أنهم حضروا الأمر فلا نسلم أنهم بلغوا عدد التواتر بل كانوا آحادا وهم أعداء يمكن تواطؤهم على الكذب على عدوهم إيهاما منهم أنهم ظفروا به وبلغوا منه أمانيهم فانخرم شرط التواتر .
ويؤيد هذا أن رؤساء الكهنة فيما زعمتم رشوا الحرس فلا يبعد أن تكون هذه العصابة من اليهود صلبوا شخصا من أصحاب يسوع وأوهموا الناس أنه المسيح لتتم لهم اغراضهم على أن الأخباريين ذكروا ان بختنصر قتل علماء اليهود في مشارق الأرض ومغاربها لانهم حرفوا التوراة وزادوا فيها ونقصوا حتى لم يبق منهم إلا شرذمة فالمخبرون لم يبلغوا حد التواتر في الطبقة الوسطى ايضا .
الثاني أن في هذا الفصل ما تحكم البداهة بكذبه وما تضحك الثكلى منه وما يبعده العقل مثل قوله للكهنة : إنكم من الآن ما ترون ابن الانسان يريدون بالانسان الرب سبحانه قانه لم يرد إطلاق ذلك عليه جل شأنه في كتاب وقوله : إن ناسا من القيام ههنا الخ فانه لم يرد أحد من القيام هناك قبل موته عيسى عليه السلام آتيا في ملكوته وقول الملك للنسوة : تعالين فانظرن إلى الموضع الذي كان فيه الرب فانه يقال فيه : أرب يقبر وإله يلحد أف لتراب يغشى وجه هذا الاله وتبا لكفن ستر محاسنه وعجبا للسماء كيف لم تبد وهو سامكها وللارض لم تمد م وهو ما سكها وللبحار كيف لم تغض م وهو مجريها وللجبال كيف لم تسر وهو مرسيها وللحيوان كيف لم يصعق وهو مشبعه وللكون كيف لم يمحق وهو مبدعه سبحان الله كيف استقام الوجود والرب في اللحود وكيف ثبت العالم على نظام والالة في الرغام إنا لله وإنا اليه راجعون هلى المصيبة بهذا الرب والرزية بهذا الإله لقد ثكلته أمه وعدمه لا أبا لك قومه ! وقوله إلهي إلهي لم خذلتني فإنه ينافي الرضا بمر القضاء ويناقض التسليم لأحكام الحكيم وذلك لا يليق بالصالحين فضلا عن المرسلين على أنه يبطل دعوي الربوبية التي تدعمونها والألوهية التي تعتقدونها وقولهم : إنه قام كثير من القديسين من قبورهم الخ فانه كذب صريح لانه لو كان صحيحا لأطبق الناس على نقله ولزال الشك عن تلك الجموع في أمر يسوع وقولهم : مضت الأحد عشر