النوم صحيفة نزلت من السماء وفيها صور الحيوانات وصورة الخنزير وقيل له : يا بطرس كل منها ما أحببت ونسب هذا القول إلى وهب بن منبه والذاهبون اليه أولوا الآية بأن المراد ما حرمه علماؤهم تشهيا أو خطأ في الاجتهاد واستدلوا على ذلك بأن المسيح عليه السلام قال في الانجيل : ما جئت لأبطل التوراة بل جئت لاكملها ولا يخفى أن تأويل الآية بما أولوه به بعيد في نفسه ويزيده بعد أنه قرئ حرم بالبناء للفاعل وهو ضمير ما بين يدي أو الله تعالى وقرئ أيضا حرم بوزن كرم وأن ما ذكروه من كلام المسيح عليه السلام لا ينافي النسخ لما علمت أنه ليس بإبطال وإنما هو بيان الانتهاء الحكم الاول ومعنى التكميل ضم السياسة الباطنة التي جاء بها إلى السياسة الظاهرة التي جاء بها موسى عليه السلام لى ما يل أو نسخ بعض أحكام التوراة بأحكام هي أوفق بالحكمة وأولى بالمصلحة وأنسب بالزمان وعلى هذا يكون قول المسيح حجة للاولين لا عليهم ولعل ما ذهبوا اليه هو المعول عليه كما لا يخفى على ذوي العرفان وجئتكم بأية من ربكم الكلام فيه كالكلام في نظيره وقرئ بآيات فاتقوا الله في عدم قبول ما جئتكم به واطيعون .
5 .
- فيما آمركم به وأنهاكم بأمر الله تعالى إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم .
15 .
- بيان للآية المأتي بها على معنى هي قولي : إن الله ربي وربكم .
ولما كان هذا القول مما أجمع الرسل على حقيته ودعوا الناس اليه كان آية دالة رسالته وليس المراد بالآية على هذا المعجزذة ليرد أن مثل هذا القول قد يصدر عن بعض العوام بل المراد أنه بعد ثبوت النبوة بالمعجزذة كان هذا القول لكونه طريقة الانبياء عليهم السلام علامة لنبوته تطمئن به النفوس وجوز أن يراد من الآية المعجزة على طرز ما مر ويقال : إن حصول المعرفة والتوحيد والاهتداء للطريق المستقيم في الاعتقادات والعبادات عمن نشأ بين قوم غيروا دينهم وحرفوا كتب الله تعالى المنزلة وقتلوا أنبياءهم ولم يكن ممن تعلم من بقايا أخبارهم من تعظم المعجزات وخوارق العادات .
أو يقال من الجائز أن يكون قد ذكر الله تعالى في التوراة إذا جاءكم شخص من نعته كذا وكذا يدعوكم إلى كيت وكيت فاتبعوه فإنه نبي مبعوث اليكم فإذا قال : أنا الذي ذكرت بكذا وكذا من النعوت كان من اعظم الخوارق وقرئ أن الله بفتح همزة أن على أن المنسبك بدل من آية أو أن المعنى جئتكم بآية دالة على أن الله الخ ومثل هذا محتمل على قراءة الكسر أيضا لكن بتقدير القول وعلى كلا التقديرين يكون قوله تعالى : فاتقوا الله وأطيعون اعتراضا وقد ذكر غير واحد أن الظاهر أن هذه الجملة معطوفة على جملة جئتكم الاولى وكررت ليتعلق بها معنى زائد وهو قوله سبحانه : إن الله ربي أو للاستيعاب كقوله تعالى : فارجع البصر كرتين أي جئتكم بآية بعد أخرى مما ذكرت لكم من خلق الطير وإبراء الاكمه والابرص والاحياء والإنباء بالمخفيات من ولادتي بغير أب ومن كلامي في المهد ونحو ذلك والكلام الأول لتمهيد الحجة عليهم والثاني لتقريبها إلى الحكم وهو إيجاب حكم تقوى الله تعالى وطاعته ولذلك جئ بالفاء في فاتقوا الله كأنه قيل : لما جئتكم بالمعجزات الباهرات والآيات الظاهرات فاتقوا الله الخ وعلى هذا يكون قوله تعالى : إن الله اله ابتداء كلام وشروعا في الدعوة المشار إليها بقول مجمل فإن الجملة الإسمية المؤكدة بأن للاشارة إلى استكمال القوة النظرية بالاعتقاد الحق الذي غايته التوحيد وقوله تعالى : فاعبدوه إشارة إلى استكمال القوة العملية فإنه ملازمة الطاعة التي هي الاتيان بالاوامر والانتهاء عن المناهي