وجوب امتثال الأوامر واسجدي واركعي مع الراكعين .
34 .
- يحتمل أن يكون المراد من ذلك كله الأمر بالصلاة إلا أنه أمر سبحانه لها بذكر أركانها مبالغة في إيجاب المحافظة عليها لما أن في ذكر الشئ تفصيلا تقريرا ليس في الاجمال ولعل تقديم السجود على الركوع لانه كذلك في صلاتهم وقيل : لأنه أفضل أركان الصلاة وأقصى مراتب الخضوع وفي الخبر أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد أو ااتنبيه على أن الواو لا توجب الترتيب أو ليقترن اركعي بالراكعين للايذان بأن من ليس في صلاتهم ركوع ليسوا مصلين وكل من هذه الأوجه لا يخلو عن دغدغة أما أولا فلأنه إنما يتم على القول بأن القيام ليس أفضل من السجود كما نقل عن الامام الشافعي وأما الثاني فلأن خطاب القرآن مع من يعلم لغة العرب لا مع من يتعلم منه اللغة وأما الثالث فلأن تماميته تتوقف على بيان وجه أنه لم لم يعبر بالساجدين تنبيها على أن من لا سجدة في صلاته ليس من المصلين وكأنه وجه ذلك ما يستفاد من كلام الزمخشري حيث قال : ويحتمل أن يكون في زمانها من كان يقوم ويسجد في صلاته ولا يركع وفيه من يركع فأمرت بأن تركع مع الراكعين ولا تكون مع من لا يركع فالنكتة في التعبير ما جعلت نكتة في ذكر واركعي مع الراكعين واعتدضه أيضا بعضهم بأنه إذا قدم الركوع وقيل : واركعي مع الراكعين واسجدي يحصل ذلك المقصود ولا مدخل للتقديم والتأخير في إفادة ذلك وقيل : المراد بالسجود وحده الصلاة كما في قوله تعالى : وأدبار السجود والتعبير عن الصلاة بذلك من التعبير بالجزء عن الكل ويراد بالركوع الخشوع والتواضع وكأن أمرها بذلك حفظا لها من الوقوع في مهاوي التكبر والاستعلاء بما لها من علو الدرجة والاحتمال الاول هو الظاهر ويؤيده ما أخرجه ابن جرير عن الاوزاعي قال : كانت تقوم حتى يسيل القيح من قدميها وما أخرجه ابن عساكر في الآية عن أبي سعيد قال : كانت مريم تصلي حتى تورم قدماها والاكثرون على أن فائدة قوله سبحانه : مع الركعين الإرشاد إلى صلاة الجماعة واليه ذهب الجبائي وذكر بعض المحققين أن نكتة التعبير بذلك في هذا المقام دون واسجدي مع الساجدين الإشارة إلى أن من أدرك الركوع مع الامام فقد أدرك ركعة من الصلاة وعورض بأنه لو قيل : واسجدي مع الساجدين لربما كان فيه إشارة إلى أن من أدرك السجود مع الامام فقد أدرك الجماعة ولعل هذه الإشارة أولى من الأولى في هذا المقام واستلزام ذلك أن من ادرك ما بعد السجود معه لا يدرك الجماعة في حيز المنع ولا يخفى أن المعارض والمعارض ليسا بشئ عند المنصفين وأحسن منهما ما أشار اليه صاحب الكشاف وزعم بعضهم أن مع مجاز عن الموافقة في الفعل فقط دون اجتماع أي افعلي كفعل الركعين وإن لم توقعي الصلاة معهم قال : لأنها كانت تصلي في محرابها وأيضا إنها كانت شابة وصلاة الشواب في الجماعة مكروهة واعترض بأنه ارتكاب للتجوز الذي هو خلاف الاصل من غير داع وكونها كانت تصلي في محرابها أحيانا مسلم لكن لا يدل على المدعي ودائما مما لا دليل عليه وبفرضه لا يدل على المدعي أيضا لجواز اقتدائها وهي في المحراب وكراهة صلاة الشابة في الجماعة لم يتحقق عندنا ثبوتها في شرع من قبلنا على أن الماتريدي نفي كراهة صلاة مريم في الجماعة وإن كانت شابة وقلنا : بكراهة صلاة الشواب في شرعهم أيضا وعلله بكون القوم الذين كانت تصلي معهم كانوا ذوي قرابة منها ورحم ولذلك اختصموا في ضمنها وإمساكها وربما يعلل بعدم خشية الفتنة وإن كانوا أجانب وتستأنس لهذا بذهابها مع يوسف لملء القلة في المغارة ولعل أولئك الذين تركع معهم من هذا القبيل وإن قلنا : إنها تقتدي وهي في محرابها إما وحدها أو مع نسوة زال الاشكال وجاء مع الراكعين دون الراكعات