تغاير الاسم والمسى وقد تقدم البحث فيه وإني أعيذعا بك عطف على إني سميتها وأتى هنا بخير إن فعلا مضارعا دلالة على طلبها استمرار الاستعاذة دون انقطاعها وهذا بخلاف وضعتها وسميتها حيث أتى بالخبرين ماضيين لانقطاعهما وقدم المعاذبة على المعطوف الآتى \ ي اهتماما به ومعنى أعيذها بك أمنعها وأجبرها بحفظك وأصل العوذ كما قال الرغب : الالتجاء إلى الغير والتعلق به يقال : عاذ فلان بفلان إذا استجار به ومنه أخذت العوذة وهى التميمة والرقية وقرأ جعفر ونافع إني بفتح ياء المتكلم وكذا فى سائر المواضع التي بعد الياء ألف مضمومة إلا في موضعين بعهدي أوف و آتوني أفرغ وذريتها عطف على الضمير المنصوب وفي التنصيص على إعاذتها وإعاذة ذريتها رمز إلى طلب بقائها حية تكبر وطلب للتناسل منها هذا إذا أريد بالاعاذة من الشيطن الرجيم أى المطرود وأصل الرجم الرمي بالحجارة الحفظ من إعوائه الموقع فى الخطايا لانه إنما يكون بعد البلوغ إذ لا تكليف قبله وأما إذا أريد منها الحفظ منه مطلقا فيفهم طلب الامرين من الامر الاخير ويؤيد هذا ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل من مسه صارخا إلا مريم وابنها وفد بعض طرقه أنه ضرب بينه وبينها حجاب وأن الشيطان أراد أن يطعن بإصبعه فوقعت الطعنة في الحجاب وفي رواية إسحق بن بشر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه ويلم : كل ولد آدم ينال منه الشيطان يطعنه حين يقع بالأرض بإصبعه ولهذا يستهل إلا ما كان من مريم وابنها فإنه لم يصل إبليس اليهما وطعن القاضي عبدالجبار بإصبع فكره في هذه الاخبار بأنها خبر واحد على خلاف الدليل وذلك أن الشيطان إنما يدعو إلى الشر من له تمييز ولانه لو تمكن من هذا الفعل لجاز أن يهلك الصالحين وأيضا لم خص عيسى وأمه سائر الانبياء وأنه لو وجد المس أو النخس لدام اثره وليس فليس والزمخشري زعم أن المعنى على تقدير الصحة أن كل مولود يطمع الشيطان فى إغوائه إلا مريم وابنها فانها كانا معصومين وكذلك كل من كان فى صفتهما كقوله تعالى : لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين واستهلاله صارخا من مسه تخييل وتصوير لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ونحوه من التخييل قول ابن الرومى : لما تؤذن الدنيا به من صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يولد وأما حقيقة النخس والمس كما يتوهم أهل الحشو فكلا ولو سلط إبليس على الناس ينخسهم لامتلأت الدنيا صراخا وعياطا مما يبلون به من نخسه انتهى .
ولا يخفى أن الأخبار فى هذا الباب كثيرة وأكثرها مدون في الصحاح والامر لاامتناع فيه وقد أخبر به الصادق E فليتلق بالقبول والتخيل الذى ركن اليه الزمخشري ليس بشئ لأن المس باليد ربما يصلح لذلك أما الاستهلاك صارخا فلا على أن أكثر الروايات لا يجري فيها مثل ذلك وقوله : لامتلأت الدنيا عياطا قلنا : هي مليئة فما من مولود إلا يصرخ ولا يلزم من تمكنه من تلك النخسة تمكنه منها في جميع الاوقات كيف وقى الصحيح لولا أن الملائكة يحفظونكم لاحتوشتكم الشياطين كما يحتوش الذباب العسل وفي رواية لاختطفتكم الجن وفسر قوله تعالى له معقبات من بين يديه فى أحد الوجوه به وبهذا يندفع ايضا قول القاضى :