الفقهاء ونحوهم من أهل الحجاب إلى تسمية علم الصوفية بعلم الباطن وليس ذلك بباطن إذ الباطن إنما هو علم الله تعالى وأما جميع ما علمه الخلق على اختلاف طبقاتهم فهو من علم الظاهر لأنه ظهر للخلق فاعلم ذلك انتهى .
فعلى هذا الانكار على القوم ليس فى محله ويحذركم الله نفسه أى عقاب نفسه قاله ابن عباس رضى الله تعالى عنه وفيه تهديد عظيم مشعر بتناهى المنهى عنه فى القبح حيث علق التحذير بنفسه وإطلاق النفس عليه تعالى بالمعنى الذى أراده جائز من غير مشاكلة على الصحيح وقيل : النفس بمعنى الذات وجواز إطلاقه حينئذ بلا كشاكلة مما لا كلام فيه عند المتقدمين وقد صرح بعض المتأخرين بعدم الجواز وإن أريد به الذات الا مشاكلة وإلى الله المصير .
82 .
- أى المرجع والاظهار فى مقام الضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة قيل : والكلام على حذف مضاف أى إلى حكمه أو جزائه وليس باللازم والجملة تذييل مقرر لمضمون ما قبله ومحقق لوقوعه حتما قل إن تخفوا ما فى صدوركم أى تسروا ما فى قلوبكم من الضمائر التى من جملتها ولاية الكفار وإنما ذكر الصدر لأنه محل القلب أر تبدوه أى تظهروه فيما بينكم .
يعلمه الله فيؤاخذكم به عند مصيركم إليه ولا ينفعكم إخفاؤه وتقديم الاخفاء الابداء قد مرت الإشارة إلى سره ويعلم ما فى السموات وما فى الأرض من إيراد العام بعد الخاص تأكيدا له وتقريرا والجملة مستانفة غير معطوفة عل جواب الشرط .
والله على كل شئ قدير .
92 .
- إثبات لصفة القدرة بعد إثبات صفة العلم وبذلك يكمل وجه التحذير فكأنه سبحانه قال : يحذركم الله نفسه لانه متصف بعلم ذاتى محيط بالمعلومات كلها وقدرة ذاتية شاملة للمقدورات بأسرها فلا تجسروا على عصيانه وموالاة أعدائه إذ ما من معصية خفية كانت او ظاهرة إلا وهو مطلع عليها وقادر على العقاب بها والاظهار فى مقام الاضمار لما علمت يوم تجد كل نفس من النفوس المكلفة .
ما علمت فى الدنيا من خير وإن كل مثقال ذرة محضرا لديها مشاهدا فى الصحف وقيل : ظاهرا فى صور وقيل : تجد جزاء اعمالها محضرا بأمر الله تعالى وفيه التهويل فى حاضرا وهو مفعول ثان لتجد وما علمت من سوء عطف على ما علمت و محضرا محضر فيه معنى إلا انه خص بالذكر فى الخير للإشعار بكون الخير مرادا بالذات وكون إحضار الشر من مقتضيات الحكمة التشريعية كما قال شيخ الاسلام وتقدير محضرا فى النظم وحذفه للاقتصار بقرينة ذكره فد الاول مما قاله الاكثرون ويكون من العطف على المفعولين وهو جائز كما فى الدر المصون ولم يجعلوه من قبيل علمت زيدا فاضلا وعمرا وهو ليس من باب الاقتصار على المفعول الاول بل من قبيل زيد قائم وعمرو وهو مما حذف فيه الخبر كما صر حوا به فيلزم الاقتصار صرورة والفرق بين المبتدأ أو المفعول فى هذا الباب وهم ولك أن تجعل تجد بمعنى تصيب فيتعدى لواحد و محضرا حال تود أى تتمنى وهو عامل فى الظرف اى تتمنى يوم ذلك .
لو ان بينها وبينه أى بين ذلك اليوم أمدا بعيدا وقيل : الضمير لما عملت لقربه ولان اليوم احضر فيه الخير والشر والمتمنى بعد الشر لا ما فيه مطلقا فلا يحسن إرجاع الضمير اليوم وإلى ذلك ذهب فى البحر