وروى أيضا أنه قال اعمر مرة : إن لك ولصاحبك الذى قمت مقامه هتكا وصلبا تخرجان من جوار رسول الله فتصلبان على شجرة يابسة فتورق فيفتتن بذلك من والا كما ثم يؤتى بالنار التى أضرمت لإبراهيم ويأتى حر جيس ودانيال وكل نبى وصديق فتصلبان فيها افتحرقان وتصيران رمادا ثم تاتى ريح فتنسفكما فى اليم نسفا فانظر بالله تعالى عليك من يروى هذه الاكاذيب عن الامام كرم الله تعالى وجهه هل ينبغى له أن يقول بنسبة التقية إليه سبحان الله تعالى هذا العجب العجاب والداء العضال ومما يرد قولهم ايضا : إن التقية لا تكون إلا لخوف والخوف قسمان : الأول الخوف على النفس وهو منتف فى حق حضرات الائمة يوجهين : أحدهما ان موتهم الطبيعي باختيارهم كما أثبت هذه المسالة الكلينى فى الكافى وعقد لها بابا وأجمع عليها سائر الامامية وثانيهما أن الائمة يكون لهم علم بما كان وما يكون فهم يعلمون آجالهم وكيفيات موتهم وأوقاته بالتفصيل والتخصيص فقبل وقته لا يخافون على أنفسهم ويتأقون فى دينهم ويغرون عوام المؤمنين القسم الثانى خوف المشقة والايذاء البدنى والسب والشتم وهتك الحرمة ولا شك ان تحمل هذه الأمور والصبر عليها وظيفة الصلحاء فقد كانوا يتحملون البلاء دائما فى امتثال أوامر الله تعالى وربما قابلوا السلاطين الجبابرة وأهل البيت النبوى أولى بتحمل الشدائد فى نصرة دين جدهم صلى الله تعالى عليه وسلم .
وأيضا لو كانت التقية واجبة لم يتوقف إمام الائمة عن بيعة خليفة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ستة أشهر وماذا منعه من اداء الواجب أول وهلة ومما يرد قولهم فى نسبة التقية إلى الانبياء عليهم السلام بالمعنى الذى أراده قوله تعالى فى حقهم : الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشونه أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا وقوله سبحانه لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم : يا ايها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إلى غير ذلك من الآيات نعم لو أرادوا بالتقية المداراة التى اشرنا إليها لكان لنسبتها إلى الأنبياء والأئمة وجه وهذا احد محملين لما أخرجه عبد بن حميد عن الحسن انه قال التقية جائزة إلى يوم القيامة والثانى حمل التقية ظاهرها وكونها جائزة إنما هو على التفصيل الذى ذكرناه .
ومن الناس من اوجب نوعا من التقية خاصا بخواص المؤمنين وهو حفظ الأسرار األإلهية عن الافشاء للأغيار الموجب لمفاسد كلية فتراهم متى سئلوا عن سر أبهموه وتكلموا بكلام لو عرض على العامة بل ةعلى علمائهم ما فهموه وأفرغوه بقوالب لا يفهم المراد منها إلا من حسى من كأسهم أو تعطرت أرجاء فؤاده من عبير عنبر انفاسهم وهذا وإن ترتب عليه ضلال كثير من الناس وانجر إلى الطعن بأولئك السادة الأكياس حتى رمى الكثير منهم بالزندقة وأفتى بقتلهم من سمع كلامهم وما حققه إلا انهم رأوا هذا دون ما يترتب على الإفشاء من المفاسد التى تعم الارض وحنانيك بعض الشر أهون من بهض وكتم الاسرار عن أهلها فيه فوات خير عظيم وموجب لعذاب اليم وقد يقال ليس هذا من باب التقية فى شئ إلا أن القوم تكلموا بما طفح على السنتهم وظهر على علانيتهم وكانت المعانى لهم بحيث تضيق عنها العبارة ولا يحوم حول حماها سوى الإشارة ومن حذا حذوهم واقتفى فى التجرد إثرهم فهم ما قالوا وتحقيق ما إليه مالوا ويؤخذ هذا ما ذكره الشعرانى قدس سره فى الدرر المنثورة فى بيان زبدة العلوم المشهورة مما نصه وأما زبدة علم التصوف الذى وضع القوم فيه رسائلهم فهو نتيجة العمل بالكتاب والسنة فمن عمل بما علم تكلم كما تكلموا وصار جميع ما قالوه بعض ما عنده لأنه كلما ترقى العبد فى باب الادب مع الله تعالى دق كلامه على الافهام حتى قال بعضهم لشيخه : إن كلام أخى فلان يدق على فهمه فقال : لأن لك قميصين وله قميص واحد فهو أعلى مرتبة منك وهذا هو الذى دعا