فلأن المشهور أن إن لا تعمل فى الحال وأما الثالث فلأنه لا وجه للتعليق بلفظ الدين إلا أن يكتفى بأنه فى الاصل بمعنى الجزاء وأما الرابع فلأن التكلف فيه المستغنى عنه أظهر من أن يخفى هذا وقد أختلف فى إطلاق الاسلام على غير ما جاء به نبينا والاكثرون على الاطلاق وأظن أنه بعد تحرير النزاع لا ينبغى أن يقع اختلاف وما اختلف الذينأوتوا الكتب قيل : المراد بهم اليهود واختلفوا فيما عهد اليهم موسى E وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : إن موسى E لما حضره الموت دعا سبعين حبرا من أحبار بنى إسرائيل فايستودعهم التوراة وجعلهم امناء عليها واستخلف يوشع بن نون فلما مضى القرن الاول والثانى والثالث وقعت الفرقة بينهم وهم الذين أوتوا العلم من أبناء السبعين حتى أهرقوا بينهم الدماء ووقع الشر طلبا لسلطان الدنيا وملكها وخزائنها وزخرفها فسلطالله تعالى عليهم جبابرتهم وقيل : النصارى واختلفوا فى التوحيد وقيل : المراد بالموصول اليهود والنصارى و بالكتاب م الجنس واختلفوا فى التوحيد وقيل : فى نبوته وقيل : فى الايمان بالانبياء والظاهر أن المراد من الموصول ما يعم الفريقين والذى اختلفوا فيه الاسلام كما يشعر به السياق والتعبير عنهم بهذا العنوان زيادة تقبيح لهم فإن الاختلاف بعد إتيان الكتاب أقبح وقوله تعالى : إلا من بعد ما جاءهم العلم زيادة أخرى فان الاختلاف بعد مجئ العلم أزيد فى القباحة والاستثناء مفرغ من أعم الاحوال أو أعم الاوقات والمراد من مجئ العلم التمكن منه لسطوح براهينه أو المراد منه حصول العلم بحقيقة الأمر لهم بالفعل ولم يقل علموا مع أنه أخصر إشارة إلى أنه علم بسبب الوحى وقوله سبحانه : بغيا بينهم زيادة تشنيع والاسم المنصوب مفعول له لما دل عليه ما و إلا من ثبوت الاختلاف بعد مجئ العلم كما تقول ما ضربت إلا ابنى تأديبا فلا دلالة للكلام على حصر الباعث وادعاه بعضهم أى الباعث الاختلاف هو البغى والحسد لا الشبهة وخفاء الأمر ولعل انفهام ذلك من المقام أو من الكلام بناءا على جواز تعدد الاستثناء المفرغ أى ما اختلفوا فى وقت لغرض إلا بعد العلم لغرض البغى كما تقول : ما ضرب إلا زيد عنرا أى ما ضرب أحدا إلا زيد عمرا ومن يكفر بئايت الله قيل : المراد بها حججه وقيل : التوراة وقيل : هى والانجيل وقيل : القرآن وقيل : آياته الناطقة بأن الدين عند الله الاسلام والظاهر العموم أى أية آية كانت والمراد بمن أيضا أعم من المختلفين المذكورين وغيرهم ولك أن تخصه بهم فإن الله سريع الحساب قائم مقام جواب الشرط علة له أى ومن يكفر يعاقبه الله تعالى ويجازه عن قريب فإنه سريع الحساب أى يأتى حسابه عن قريب أو يتم ذلك بسرعة وقيل : إن سرعة الحساب تقتضى إحاطة العلم والقدرة فتقيد الجملة الوعيد وباعتباره ينتظم الشرط والجزاء من غير حاجة إلى تقدير ولعله أولى وأدق نظرا .
وفى إظهار الاسم الجليل تربية للمهابة وإدخال الروعة وفى ترتيب العقاب على مطلق الكفر إثر بيان حال أولئك المذكورين إيذان بشدة عقابهم فإن حاجوك أى جادلوك فى الدين بعد أن أقمت الحجج والضمير للذين أوتوا الكتاب من اليهود والنصارى قاله الحسن م وقال أبو مسلم : لجميع الناس وقيل : وفد نصارى نجران وإلى هذا يشير كلام محمد بن جعفر بن الزبير فقل أسلمت وجهى لله أى أخلصت