سورة آل عمران .
وهى مائتا آية أخرج ابن الضريس والنحاس والبيهقى من طرق عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنها نزلت بالمدينة واسمها فى التوراة كما روى سعيد بن منصور طيبة وفى صحيح مسلم تسميتها والبقرة الزهراوين وتسمى الامان والكنز والمعنية والمجادلة وسورة الاستغفار ووجه مناسبتها لتلك السورة أن كثيرا من مجملاتها تشرح بما فى هذه السورة وأن سورة البقرة بمنزلة إقامة الحجة وهذه بمنزلة الشبهة ولهذا تكرر فيها ما يتعلق بالمقصود الذى هو بيان حقية الكتاب من إنزال الكتاب وتصديقه للكتب قبله والهدى إلى الصراط المستقيم وتكررت آية قولوا آمنا بالله وما أنزل بكمالها ولذلك ذكر فى هذه ما هو تال لما ذكر فى تلك أو لازم له فذكر هناك خلق الناس وذكر هنا تصويرهم فى الأرحام وذكر هناك مبدأ خلق آدم وذكر هنا مبدأ أولاده وألطف من ذلك أنه افتتح البقرة بقصة آدم وخلقه من تراب ولا أم وذكر فى هذه نظيره فى الخلق من غير أب وهو عيسى ولذلك ضرب له المثل بآدم واختصت البقرة بآدم لأنها أول السور وهو أول فى الوجود وسابق ولأنها الاصل وهذه كالفرع والتتمة لها فاختصت بالأغرب ولأنها خطاب لليهود الذين قالوا فى مريم ما قالوا وأنكروا وجود ولد بلا أب ففوتحوا بقصة آدم لتثبت فى أذهانهم فلا تأتى قصة عيسى إلا وقد ذكر عندهم ما يشهد لها من جنسها ولأن قصة عيسى قيست على قصة آدم والمقيس عليه لا بد وأن يكون معلوما لتتم الحجة بالقياس فكانت قصة آدم والسورة التى هى فيها جديرة بالتقديم .
وقد ذكر بعض المحققين من وجوه التلازم بين الصورتين أنه قال فى البقرة فى صفة النار : أعدت للكافرين مع افتتاحها بذكر المتقين والكافرين معا وقال فى آخر هذه : وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فكأن السورتين بمنزلة سورة واحدة ومما يقوى المناسبة والتلازم بينهما أن خاتمة هذه مناسبة لفاتحة تلك لان الأولى افتتحت بذكر المتقين وأنهم المفلحون وختمت هذه بقوله تعالى : واتقوا الله لعلكم تفلحون وافتتحت الأولى بقوله سبحانه : الذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وختمت آل عمران بقوله تعالى : وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل اليكم وما أنزل اليهم وقد ورد أن اليهود قالوا لما نزل من ذا الذى يقرض الله الآية : يا محمد افتقر ربك بسأل عباده القرض فنزل لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن اغنياء وهذا مما يقوى التلازم أيضا ومثله أنه وقع فى البقرة حكاية قول إبراهيم : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم الآية وهنا لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم الآية إلى غير ذلك .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الم الله لا إله إلا هو الحى القيوم .
2 .
- قرأ ابو جعفر والاعمشى والبرجمى عن أبى بكر عن عاصم بسكون الميم وقطع الهمزة ولا إشكال فيها لأن طريق التلفظ فيما لا تكون من هذه الفواتح مفردة كص ولاموازنة المفرد كحم حسبما ذكر فى الكتاب الحكاية فقط ساكنة الاعجاز على الوقف سواء جعلت أسماء أو مسرودة على نمط التعديد وإن لزمها التقاء الساكنين لما أنه مغتفر فى باب الوقف قطعا ولذا ضعفت قراءة عمرو بن عبيد بكسر الميم والجمهور يفتحون الميم ويطرحون الهمزة من الاسم الكريم قيل :