لمجرد تعدية الفعل لمفعول ثان دون التكثير وأعف عنا أى امح آثار ذنوبنا بترك العقوبة .
واغفر لنا بستر القبيح وإظهار الجميل وارحمنا وتعطف علينا بما يوجب المزيد وقيل : اعف عنا منالأفعال واغفر لتا من الأقوال وارحمنا بثقل الميزان وقيل : واعف عنا فى سكرات الموت واغفر لنا فى ظلمة القبور وارحمنا فى أهوال يوم النشور قال أبو حيان : ولم يأت فى هذه الجمل الثلاث بلفظ ربنا لأنها نتائج ما تقدم من الجمل التى افتتحت بذلك فجاء فاعف عنا مقابلا لقوله تعالى : لا تؤاخذنا واغفر لنا لقوله سبحانه : ولا تحمل علينا إصرا وارحمنا لقوله عز شأنه : ولاتحملنا ما لا طاقة لنا به لأن من آثار عدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ العفو ومن آثار عدم حمل الإصر عليهم المغفرة ومن آثار عدم تحميل ما لا يطاق الرحمة ولا يخفى حسن الترتيب أنت مولنا أى مالكنا وسيدنا وجوز أن يكون بمعنى متولى الأمر وأصله مصدر أريد به الفاعل وإذا ذكر المولى والسيد وجب فى الاستعمال تقديم المولى فيقال : مولانا وسيدنا كما فى قول الخنساء : وإن صخرا لمولانا وسيدنا وإن صخرا إذا اشتوا لمنحار وخطئوا من قال : سيدنا ومولانا بتقديم السيد على المولى كما قاله ابن أبيك ولى فيه تردد قيل : والجملة على معنى القول أى قولوا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكفرين .
682 .
- أى الاعداء فى لبدين المحاربين لنا أو مطلق الكفرة وأتى بالفء إيذانا بالسببية لأن الله تعالى لما كان مولاهم ومالكهم ومدبر أمورهم تسبب عنه دعوة بأن ينصرهم على أعدائهم فهو كقولك انت الجواد فتكرم على وأنت البطل فاحم الجار .
ومن باب الاشارة فى هذه الآيات لله مافى السموات أى العوالم الروحانية كلها وا استتر فى أستار غيوبه وخزائن علمه وما فى الارض أى العالم الجسمانى والظواهر لمشاهدة التى هى مظاهر الاسماء والافعال وإن تبدوا ما فى أنفسكم يشهده بأسمائه وظواهره فيحاسبكم به وإن تخفوه يشهده بصفاته وبواطنه ويحاسبكم به فيغفر لكم لمن يشاء لتوحيده وقوة يقينه وعروض سيآته وعدم رسوخها فى ذاته ويعذب من يشاء لفساد اعتقاده ووجود شكه أو رسوخ سيآته فى نفسه والله على كل شئ قدير لأن به ظهور كل ظاهر وبطون كل باطن فيقدر على المغفرة والتعذيب آمن الرسول الكامل الأكمل بما أنزل اليه من ربه أى صدقه بقبول والتخلق به فقد كان خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم القرآن والترقى بمعانيه والتحقق به والمؤمننون كل آمن بالله وحده مشاهدة حين لم يروا فى الوجود سواه وملائكته وكتبه ورسله حين رجوعهم إلى مشاهدتهم تلك الكثرة مظاهر للوحدة يقولون لا نفرق بين أحد من رسله برد بعض وقبول بعض لمشاهدة الحق فيهم بالحق وقالوا4 سمعنا أجبنا ربنا فى كتبه ورسله ونزول ملائكته واستقمنا فى سيرنا غفرانك ربنا أى اغفر وجوداتنا وصفاتنا واستر ذلك بوجودك وصفاتك فمنك المبدأ واليك المصير بالفناء فيك لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلا ما يسعها ولا يضيق به طوقها واستعدادها من التجليات لها ما كسبت من الخير والكمالات والكشوف سواء كان ذلك باعتمال أو بغير اعتمال وعليها ما اكتسبت وتوجهت إليه بالقصد من السوء ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا عهدك بميلنا إلى ظلمة الطبيعة أو أخطأنا بالعمل على غير الوجه اللائق لحضرتك ربنا ولا تحمل علينا إصرا وهو عبء الصفات والافعال الحابسة للقلوب من