وقرأ ابن مسعود يغفر ويعذب بالجزم بغير فاء ووجهه عند القائل بجواز تعدد الجزاء كالخبر ظاهر وأما عند غيره فالجزم على أنهما بدل من يحاسبكم بدل البعض من الكل أو الاشتمال فإن كلا من المغفرة والتعذيب بعض من الحساب المدلول عليه بيحاسبكم ومطلق الحساب جامع لهما فان اعتبر جمعه لهما على طريق اشتمال الكل على الأجزاء يكون بدل البعض من الكل وإن اعتبر على طريق الشمول كشمول الكلى لافراده يكون بدل اشتمال كذا وقيل : إن اريد بيحاسبكم معناه الحقيقي فالبدل بدل اشتمال كأحب زيدا علمه وإن أريد به المجازاة فالبدل بدل بعض كضربت زيدا رأسه وقيل : غير ذلك وذهب أبو حيان إلى تعين الاشتمال قال : ووقوعه فى الأفعال صحيح لأن الفعل يدل على جنس تحته أنواع يشتمل عليها ولذلك إذا وقع عليه النفى انتفت جميع أناع ذلك الجنس وأما بدل البعض من الكل فلا يمكن فى الفعل إذ الفعل لا يقبل التجزى فلا يقال فيه له كل وبعض إلا بمجاز بعيد واعترضه الحلبى بأنه ليس بظاهر لأن الكلية ةوالبعضية صادقتان على الجنس ونوعه فإن الجنس كل والنوع بعض فالصحيح وقوع النوعين فى الفعل وقد قيل بهما فى قوله : متى تأتنا تلم بنا فى ديارنا تجد خير نار عندها خير موقد فانهم جعلوا الإلمام بدلا من الإتيان إما بدل بعض لأنه إتيان لا توقف فيه فهو بعضه أو لشتمال لأنه نزول خفيف وروى عن أبى عمرو إدغام الراء فى اللام وطعن الزمخشرى على عادته فى الطعن فى القرآت السبع إذا لم تكن على قواعد العربية ومن قواعدهم أن الراء لا تدغم إلا فى الراء لما فيها من التكرار الفائت بالادغام فى اللام وقد يجاب بأن القراآت السبع متواترة والنقل بالمتواتر إثبات علمى وقول النحاة نفى ظنى ولو سلم عدم التواتر فأقل الأمر أن تثبت لغة بنقل العدول وترجح بكونه إثباتا ونقل إدغام الراء فى اللام عن أبى عمرو من الشهرة والوضوح بحيث لا مدفع له وممن روى ذلك عنه أبو محمد اليزيدي وهو إمام فى النحو إمام فى القرسآت إمام فى اللغات ووجهه من حيث التعليل ما بينهما من شدة التقارب حتى كأنهما مثلان بدليل لزوم إدغام اللام فى الراء فى اللغة الفصيحة إلا أنه لمح تكرار الراء فلم يجعل إدغامه فى اللام لازما على أن منع إدغام الراء فى اللام مذهب البصريين وقد اجازه الكوفيون وحكوه سماعا منهم الكسائى والفراء وأبو جعفر الرواسى ولسان العرب ليس محصورا فيما نقله البصريون فقط والقراء من الكوفيين ليسوا بمنحطين عن قراء البصرة وقد أجازوه عن العرب فوجب قبوله والرجوع فيه إلى علمهم ونقلهم إذ من علم حجة على من لم يعلم .
والله على كل شئ قدير .
482 .
- تذييل مقرر لمضمون ما قبله فإن كمال قدرته تعالى على جميع الأشياء موجب لقدرته على ما ذكر من المحاسبة وما فرع عليه من المغفرة والتعذيب وفى الآية دليل لأهل السنة فى نفى وجوب التعذيب حيث علق بالمشيئة واحتمال أن تلك المشيئة واجبة كمن يشاء صلاة الفرض فأنه لا يقتضى عدم الوجوب خلاف الظاهر ءامن الرسول قال الزجاج : لما ذكر الله تعالى D فى هذه السورة الجليلة الشأن الواضحة البرهان فرض الصلاة الزكاة والطلاق والحيض والايلاء والجهاد وقصص الأنبياء عليهم الصلاة السلام والدين والربا ختمها بهذا تعظيما لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وأتباعه وتأكيدا وفذلكة لجميع ذلك المذكور من قبل وقد شهد سبحانه وتعالى هنا لمن تقدم فى صدر السورة بكمال الايمان وحسن الطاعة واتصافهم بذلك بالفعل وذكره صلى الله تعالى عليه وسلم بطريق الغيبة مع ذكره هناك