استثناء من أعم العلل وأعم الاحوال أي ما تنفقون بسبب من الاسباب إلا لهذا السبب أو في حال من الاحوال إلا في هذه الحال والجملة إما حال او معطوفة على ما قبلها على معنى وما تنفقوا من خير فانما يكون لكم لا عليكم إذا كان حالكم أن لا تنفقوا إلا لأجل طلب وجه الله تعالى أو إلا طالبين وجهه سبحانه لا مؤذين ولا مانين ولا مرائين ولا متيممين الخبيث أو على معنى ليست نفقتكم إلا لكذا أو حال كذا فما بالكم تمنون بها وتنفقون الخبيث أو تمنعونها فقراء المشركين من أهل الكتاب وغيرهم وقيل : إنه نفى بمعنى النهى أي لا تنفقوا إلا كذا وإقحام الوجه للتعظيم ودفع الشركة لانك إذ قلت فعلته لوجه زيد كان أجل من قولك : فعلته له لان وجه الشئ أشرف ما فيه ثم كثر حتى عبر به عن الشرف مطلا وأيضا قول القائل : فعلت هذا الفعل لفلان يحتمل الشركة وأنه قد فعله له ولغيره ومتى قال : فعلته لوجهه انقطع عرق الشركة عرفا وجعله كثير من الخلق بمعنى الذات وبعضهم حملة هنا على الرضا وجعل الآية على حد إلا ابتغاء رضاة الله تعالى والسلف بعد أن نزهو افوضوا كعادتهم في المتشابه وما تنفقوا من خير يوف إليكم أي تعطون جزاءه وافرا وافيا كما تشعر به صيغة التفعيل في الآخرة حسبما تضمنته الآيات من قبل وهو المروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والمراد نفى أن يكون لهم عذر في المخالفة الامر المشار إليه في الإنفاق فالجملة تأكيد للشرطية السابقة وليس بتأكيد صرف وإلا لفصلت ولكنها تضمنت ذلك من كون سياقها للاستدلال على قبح ترك ذلك الامر فكأنه قيل : كيف يمن او يقصر فيما يرجع اليه نفعه أو كيف يفعل ذلك فيما له عوض وزيادة وهى بهذا الاعتبار أمر مستقل وقيل : إن المعنى يوفر عليكم خلفه في الدنيا ولا ينقص به من مالكم شيء استجابة لقول صلى الله تعالى عليه وسلم : اللهم اجعل لمنفق خلفا ولممسك تلفا والتوفية إكمال الشى وإنما حسن معها اليكم لتضمنها معنى التأدية وإسنادها إلى ما مجازى وحقيقته ما سمعت والآية بناءا على سبب النزول دليل على جواز دفع الصدقة للكافر وهو في غير الواجبة أمر مقرر وأما الواجبة التى للإمام أخذها كالزكاة فلا يجوز وأما غيرها كصدقة الفطر والنذر والكفارة ففيه اختلاف والامام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه يجوزه وظاهر قوله تعالى : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا يؤيده إذ الأسير في دار الاسلام لا يكون إلا مشركا .
وأنتم لا تظلمون .
272 .
- أي لا تنقصون شيئا مما وعدتم والجملة حال من ضمير اليكم والعامل يوف للفقراء متعلق بمحذوف ينساق اليه الكلام ولهذا أي اعمدوا للفقراء أو اجعلوا ما تنفقونه للفقراء أو صدقاتكم للفقراء والجملة استئناف مبنى على السؤال وجوز أن يكون الجار متعلقا بقوله تعالى : وما تنفقوا وقوله سبحانه : وانتم لا تظلمون اعتراض أي وما تنفقون للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله أي حبسهم الجهاد او العمل في مرضاة الله تعالى يوف اليكم ولا يخفى بعده لا يستطيعون لا شتغالهم بذلك ضربا في الأرض أي مشيا فيها وذهابا للتكسب والتجارة وهم أهل الصفة رضي الله تعالى عنهم قاله ابن عباس ومحمد بن كعب القرطى وكانوا نحوا من ثلثمائة ويزيدون وينقصون من فقراء المهاجرين يسكنون سقيفة المسجد يستغرقون أوقاتهم بالتعلم والجهاد وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعن سعيد بن جبير هم أصابتهم الجراحات في سبيل الله تعالى فصاروا زمنى فجعل لهم في أموال المسلمين