من خطاب الله تعالى فيكون المعنى لا يملكون خطابا واحدا من جملة ما يخاطب به الله تعالى ويأمر به في أمر الثواب والعقاب وظاهر كلام البيضاوي حمل الخطاب على خطاب الأعتراض عليه سبحانه في ثواب أو عقاب ومنه على ما سمعت منا أولا أي لا يملكون خطابه تعالى والأعتراض عليه سبحانه في ثواب أو عقاب لأنهم مملوكون له D على الإطلاق فلا يستحقون عليه سبحانه اعتراضا أصلا وأيا ما كان فالآية لا تصلح دليلا على نفي الشفاعة بإذنه D وعن عطاء عن ابن عباس أن ضمير لا يملكون للمشركين وعدم الصلاحية عليه أظهر يوم يقوم الروح والملائكة صفا قيل الروح خلق أعظم من الملائكة وأشرف منهم وأقرب من رب العالمين وقيل هو ملك ما خلق الله D بعد العرش خلقا أعظم منه عن ابن عباس أنه إذا كان يوم القيامة قام هو وحده صفا والملائكة صفا وعن الضحاك أنه لو فتح فاه لوسع جميع الملائكة عليهم السلام وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال الروح جند من جنود الله تعالى ليسوا ملائكة لهم رؤس وأيد وأرجل وفي رواية يأكلون الطعام ثم قرأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا وقال هؤلاء جند وهؤلاء جند وروي القول بهذا عن مجاهد وأبي صالح وقيل هم أشراف الملائكة وقيل هم حفظة الملائكة وقيل ملك موكل على الأرواح قال في الأحياء الملك الذي يقال له الروح هو الذي يولج الأرواح في الأجسام فإنه يتنفس فيكون في كل نفس من أنفاسه روح في جسم وهو حق يشاهده أرباب القلوب ببصائرهم وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك أنه جبريل عليه السلام وهو قول لابن عباس فقد أخرج هو عنه أيضا أنه قال إن جبريل عليه السلام يقوم القيامة لقائم بين يدي الجبار ترعد فرائصه فرقا من عذاب الله تعالى يقول سبحانك لا إله إلا أنت ما عبدناك حق عبادتك وإن ما بين منكبيه كما بين المشرق والمغرب أما سمعت قول الله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا وفي رواية البيهقي في الأسماء والصفات عنه أن المراد به أرواح الناس وإن قيامها مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد إلى الأجساد وهو خلاف الظاهر في الآية جدا ولعله لا يصح عن الحبر وقيل القرآن وقيامه مجاز عن ظهور آثاره الكائنة عن تصديقه أو تكذيبه وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز مع ما لا يخفى ولم يصح عندي فيه هنا شيء ويوم للا يملكون وصفا حال أي مصطفين قيل هما صفان الروخ صف واحد أو متعدد والملائكة صف آخر وقيل صفوف وهو الأوفق لقوله تعالى والملك صفا صفا وقيل يوم يقوم الروح والملائكة الكل صفا واحدا وجوز أن يكون ظرفا لقوله تعالى لا يتكلمون وقوله سبحانه إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا بدل من ضمير لا يتكلمون وهو عائد إلى أهل السماوات والأرض الذين من جملتهم الروح والملائكة وذكر قيامهم مصطفين لتحقيق عظمة سلطانه تعالى وكبرياء ربوبيته D وتهويل البعث الذي عليه مدار الكلام من مطلع السورة الكريمة إلى مطلقها والجملة استئناف مقرر لمضمون قوله تعالى لا يملكون الخ ومؤكد له على معنى أن أهل السماوات والأرض إذا لم يقدروا حينئذ أن يتكلموا بشيء من جنس الكلام إلا من أذن الله تعالى له منهم في التكلم مطلقا وقال ذلك المأذون له بعد الأذن في مطلق التكلم قولا صوابا أي حقا من الشفاعة لمن ارتضى فكيف يملكون خطاب رب العزة جل جلاله مع كونه أخص من مطلق الكلام وأعز منه مراما وجوز أن يكون ضمير لا يتكلمون إلى الروح والملائكة والكلام مقرر لمضمون قوله تعالى لا يملكون الخ أيضا لكن على معنى أن الروح والملائكة مع كونهم أفضل الخلائق وأقربهم من الله تعالى إذا لم يقدروا أن يتكلموا بما هو صواب من الشفاعة لمن ارتضى إلا بإذنه فكيف يملكه غيرهم وذكره بعض أهل السنة فتعقب بأنه مبني على مذهب الأعتزال من كون الملائكة عليهم السلام أفضل من البشر مطلقا