ههنا بالتراخي ويبقى الكلام في وجه تقديم نشر الشرائع أو نشر النفوس والفرق على الإلقاء مع أنهما بعده في الواقع فقيل الأيذان بكونهما غاية للألقاء حقيقة بالأعتناء أو الأشعار بأن كلا من الأوصاف مستقل بالدلالة على استحقاق التعظيم كما سمعت على أن باب التأويل واسع فتذكرو قيل أقسم سبحانه بأفراد نوعين من الرياح فيقدر للمرسلات موصوف وللناشرات موصوف آخر ويراد بالمرسلات الرياح المرسلة للعذاب لأن الإرسال شاع فيه وبالناشرات رياح وحاصلة أنه جل وعلا أقسم برياح عذاب أرسلهن فعصفن ورياح رحمة نشرن السحاب في الجو ففرقنه على البقاع فألقين ذكرا إما عذرا للذين يعتذرون إلى الله تعالى بتوبتهم واستغفارهم إذا شاهدوا آثار رحمة الله تعالى في الغيث وإما إنذارا للذين يكفرون ذلك ويتسبونه إلى الأنواء ونحوها وإسناد إلقاء الذكر إليهن لكونهن سببا في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن أو كفرت فالتجوز في الإسناد والمراد بعرفا متتابعة أو الناشرات رياح نشرن النبات وأبرزنه أي صرن سببا لذلك بنشر السحاب وإدراره ففرقن كل صنف منه عن سائر الأصناف بالشكل واللون وسائر الخواص فتسببن ذكرا إما عذرا للشاكرين وإما نذرا للكافرين وقيل أقسم سبحانه أولا بالرياح وثانيا بسحائب الموات ففرقن بين من يشكر وبين من يكفر كقوله تعالى لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه فتسببن ذكرا أما وإما وقيل أقسم جل وعلا بآيات القرآن المرسلة إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فضلا وإحسانا أو شيئا بعد شيء لأنها نزلت منجمة فعصفن وآذهبن سائر الكتب بالنسخ ونشرن آثار الهدى في مشارق الأرض ومغاربها وفرقن بين الحق والباطل فألقين ذكر الحق في أكتاف العالمين وقيل جل جلاله برسله من البشر أرسلوا إحسانا وفضلا كما هو المذهب الحق لا وجوبا كما زعم من زعم فاشتدوا وعظم أمرهم ونشروا دينهم وما جاؤا به ففرقوا بين الحقو الباطل والحلال والحرام فألقوا ذكرا بين المكلفين ويجوز أن يراد على هذا بعرفا متتابعة وقيل أقسم تبارك وتعالى بالنفوس الكاملة أي المخلوقة على صفة الكمال والأستعداد لقبول ما كلفت به وخلقت لأجله المرسلة إحسانا إلى الأبدان لاستكمالها فعصفن وأذهبن ما سوى الحق بالنظر في الأدلة الحقة ففرقن بين الحق المتحقق بذاته الذي لا مدخل للغير فيه وهو واجب الوجود سبحانه وبين الباطل المعدوم في نفسه فرأين كل شيء هالكها إلا وجهه فألقين في القلوب والألسنة ومكن فيها ذكره تعالى فليس في قلوبها وألسنتها إلا ذكره D أوطرحن ذكر غبره سبحانه عن القلوب والألسنة فلا ذكر لما عداه وقيل الثلاثة الأول الرياح والأخيرتان الملائكة عليهم السلام وقيل بالعكس والمناسبة باللطافة وسرعة الحركة وقيل الأولتان الملائكة إلا أن المرسلات ملائكة الرحمة والعاصفات ملائكة العذاب والثلاثة الأخيرة آيات القرآن النازلة بها الملائكة وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من وجه عن أبي صالح أنه قال المرسلات عرفا الرسل ترسل بالمعروف فالعاصفات عصفا الريح والناشرات نشراالمطر فالفارقات فرقاالرسل ومن وجه آخر المرسلات عرفا الملائكة فالعاصفات عصفاالرياح العواصف والناشرات نشراالملائكة ينشرون الكتب أي كتب الأعمال كما جاء مصرحا به في بعض الروايات فالفارقات فرقا الملائكة يفرقون بين الحق والباطل فالملقيات ذكرا الملائكة أيضا يجيئون بالقرآن والكتاب عذرا أو نذرا منه تعالى إلى الناس وهم الرسل يعذرون وينذرون وعن أبي صالح روايات أخر في ذلك وكذا عن أجلة الصحابة والتابعين فعن ابن مسعود وأبي هريرة ومقاتل المرسلات الملائكة أرسلت بالعرف ضد النكر وهو الوحي وفي أخرى عن ابن مسعود أنها الرياح وفسر العاصفات بالشديدات الهبوب وروي تفسير المرسلات بذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وفي أخرى عن ابن عباس