الارسال به والأمر بإنقاذه وأما ترتيب القاء الذكر إلى الأنبياء عليهم السلام على الفرق بين الحق والباطل مع ظهور تأخر الفرق عن الألقاء فقيل لتأويل الفرق بإرادته فحينئذ يتقدم على الإلقاء وقيل الفرق على الإلقاء من غير حاجة إلى أن يؤول بإرادته لأنه بنفس نزولهم بالوحي الذي هو الحق المخالف للباطل الذي هو الهوى ومقتضى الرأي الفاسد وإنما العلم به متأخر ومن هذا يظهر ترتيب الفرق على نشر الأجنحة إذ الحاصل عليه نشرن أجنحتهن للنزول فنزلن فألقين وهو غير ظاهر على ما قبله لأن إرادة الفرق تجامع النشر وكذا إرادته إذا أول أيضا بحسب الظاهر بل ربما يقال إن تلك الإرادة قبل وقيل إن الفاء في ذلم للترتيب الرتبي ضرورة إن إرادة الفرق أعلى من النشر وقيل إنها فيه وفيما بعده لمجرد الإشعار بأن كلا من الأوصاف المذكورة أعني النشر والفرق مستل بالدلالة على استحقلق الطوائف الموصوفة بها للتفخيم والإجلال بالأقسام بهن فإنه لو جيء بها على ترتيب الوقوع لربما فهم أن مجموع الثلاثة هو الموجب لما ذكر من الاستحقاق واستعمال العاصفات بمعنى المسرعات سرعة الريح مجاز على سبيل الأستعارة ولا يبعد أن يراد بالعاصفات المهلكات بالعذاب الذي أرسلهن به من أرسلن إليه على سبيل الاستعارة أيضا أو المجاز المرسل وعذرا ونذرا في قوله تعالى عذرا أو نذرا جوز أن يكونا مصدرين من عذر إذا أزال الأساءة ومن أنذر إذا خوف جاءا على فعل كالشكر والكفر والأول ظاهر لأن فعلا من مصادر الثلاثي وأما الثاني فعلى خلاف القياس مصدر أفعل الأفعال وقيل هو اسم المصدر كالطاقة أو مصدر نذر بمعنى أنذر وتسومح فيما تقدم وإن يكونا جمع عذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الإنذار وانتصابهما على العلية والعامل فيهما الملقيات أو ذكرا وهو بمعنى التذكير والعظة بالترغيب والترهيب أي فالملقيات ذكرا لأجل العذر للمحقين أو لأجل النذر للمبطلين أو على الحالية أو الضمير المستتر فيه على التأويل أي عاذرين أو منذرين أو على البدلية من ذكرا على أن المراد به الوحي فيكونان بدل بعض أو التذكير والعظة فيكونان بدل كل وإن يكونا وصفين بمعنى عاذرين ومنذرين فنصبهما على الحالية لا غير وأو في جميع ذلك للتنويع لا للترديد ومن ثم قال الدينوري في مشكل القرآن إنها بمعنى الواو وقيل الثانية طوائف نشرن الشرائع في الأرض إلى آخر ما تقدم ووجه العطف بأن المراد أردن النشر فنزلن فألقين واحتيج للتأويل لمكان الإلقاء إلى الأنبياء عليهم السلام وإلا فهو لا يحتاج إليه في النشر والفرق لظهور ترتيب الفرق على النشر كذا قيل فلا تغفل وقيل طوائف نشرن النفوس الموتى بالكفر فالجهل بما أوحين ففرقن الخ والنشر على هذا بمعنى الإحياء وفيما قبله بمعنى الإشاعة وقيل لا مغايرة بين الكل إلا بالصفات وهم جميعا من الملائكة على الأقوال السابقة بيد أنه لم يعتبر هذا القائل تفسير النشر بنشر الأجنحة فقال أقسم سبحانه بطوائف من الملائكة أرسلهن D بأوامره متتابعة فعصفن عصف الرياح في الامتثال ونشرن الشرائع في الأرض أو نشرن النفوس الموتى بالجهل بما أوحين من العلم ففرقن بين الحق والباطل فألقين إلى الأنبياء ذكرا وظاهره أيضا أن الإرسال للأنبياء بالشرائع من الأمر والنهي بناء على أن الأوامر جمع مخصوص بالأمر مقابل النهي ففي كلامه الأكتفاء وخص الأمر بالذكر قيل لأنه أهم مع أنه لا يؤدي ما يراد من النهي بصيغته كدع مثلاوقيل عطف الناشرات بالواو دون الفاء وعطف الفراقات به أن النشر عليه بمعنى الأشاعة للشرائع وهو يكون بعد الوحي والدعوة والقبول ويقتضي زمانا فلذا جيء بالواو ولم يقرن بالفاء التعقيبية وإذا حصل النشر ترتب عليه الفرق من غير مهملة ولا يتوهم أنه كان حق الناشرات حينئذ ثم لأنه لا يتعلق القصد