هو الظاهر لأنه أدل على الحال وأوفق بما بعده وكون المراد انظر إليه سالما في مكانه كما رطته حفظناه بلا ماء وعلف كما حفظنا الطعام والشراب ليس بشئ ولا يسلعده المأثور ولنجعلك متعلق بمقدار أي وفعلنا ذلك لنجعلك ومنهم من قدره متأخرا وقيل : إنه متعلق بما قبله والواو زائدة وعلى تقديره فهو معطوف على لبث أو على مقدر بطريق الاستئناف أي فعلنا ذلك لتعاين ما استبعدت أو لتهدى ولنجعلك وقيل : إنه عطف على قال ففيه التفات ءآية أي عبرة أو مرشدا للناس اي جنسهم أو من بقى من قومه أو للموجودين فيى هذا القرن بأن يشلهدوك وأنت من أهل القرون الخالية ويأخذوا عنك ما انطوى عنهم منذ أحقاب من علم التوراة وفيه دليل على ما ذكر من اللبث المديد ولذلك قرن بينه وبين الامر بالنظر إلى حماره وانظر إلى العظام أي عظام الحمار كما قاله السدى وكرر الامر لما أن المأمور به أولا هو النظر اليها من حيث الدلالة على المكث المديد وثانيا هو النظر اليها من حيث تعتريها الحياة ومباديها وقيل : عظام أموات أهل القرية وعن قتادة والضحاك والربيع عظام نفسه قالوا : أول ما أحيا الله تعالى منه عيناه وسائر جسده ميت وعظامه نخرة فأمر بالنظر إليها وقيل : عظامه وعظام حماره والكل لا يعول عليه .
كيف ننشزها بالزاى المعجمة من الانشاز وهو الرفع أي كيف نرفعها من الأرض فنردها إلى أماكنها من الجسد وقال الكسائى : نلينها ونعظمها وقرأ أبى ننشيها وابن كثير ونافع وأبو عمرو ويعقوب ننشرها من أنشر الله تعالى الموتى أحياها ولعل المراد بالاحياء ما تقدم لا معناه الحقيقى لقوله تعالى ثم نكسوها لحما أي نسترها به كما نستر الجسد باللباس وقرأ أبان عن عاصم ننشرها بفتح النون وضم الشين والراء وهو حينئذ من النشر ضد الطى كما قال الفراء فالمعنى كيف نبسطها والجملة قيل : إما حال من العظام أي وأنظر اليها مركبة مكسورة لحما أو بدل اشتمال أي وانظر إلى العظام كيفية إنشازها وبسط اللحم عليها واعترضت الحالية بأن الجملة استفهامية وهى لا تقع حالا وأجيب بأن الاستفهام ليس على حقيقته فما المانع من الحالية ولعل عدم التعرض لكيفية نفخ الروح كما قيل لما أنها مما لا تقتضى الحكمة بيانها وفى بعض الآثار إن ملكا نادى العظام فأجابت وأقبلت من كل ناحية ثم البسها العروق والعصب ثم كساها اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر ثم نفخ فيه الروح فقام الحمار رافعا رأسه وأذنيه إلى السماء ناهقا فلما تبين له أي اتضح اتضاحا تاما له مادل عليه الامر من كيفية الاحياء بمباديه والفاء للعطف على مقدر يستدعيه الامر المذكور وإنما حذف للايذان بظهور تحققه واستغنائه عن الذكر وللاشعار بسرعة وقوعه كأنه قيل : فأنشرها الله تعالى وكساها لحما فنظر اليها فتبين له كيفيته فلما تبين ذلك قال أعلم أن الله على كل شيء ومن جملته ما شوهد قدير .
259 .
- وقيل : فاعل تبين مضمر يفسره مفعول أعلم فاكلام من باب التنازع على مذهب البصريين وأورد عليه أن شرط التنازع كما نص عليه النحاة اشتراك العاملين بعطف ونحوه بحيث يرتبطان فلا يجوز ضربنى أهنت زيدا قيل : وليس بشئ لأنه لم يشترطه إلا ابن عصفور وقد صرح بازات الفن بخلافه كأبى على وغيره مع أنه لم يخص بالعطف إذ هو جار في قوله تعالى : هاؤم اقرؤا كتابيه و لما رابطة للجملتين فيكفى مثله في