معاينة الإحياء مع أن ما جرى له في القصة مما يبعد أن يجرى مع كافر وإذا انظم إلى ذلك تحرية الظاهر في الاحتراز عن الكذب في القول الصادر قبل التبيين لموجب لإيمانه على زعم من يدعى كفره قوى المعارض جدا وإن قلنا : بأن دلالة الانتظام في سلك نمروذ على الايمان أحق لينطبق على التفصيل المقدم في الله ولى الذين آمنوا الخ حسب ما أشرنا اليه في القيل قبل لم يكد يتوهم القول بالكفر كما لا يخفى والقرية قال ابن زيد : هى التى خرج منها الألوف وقال الكلبى : دير ساير أباد وقال السدى : دير سلما باذ وقيل : دير هرقل وقيل : المؤتفكة وقيل : قرية العنب على فرسخين من بيت المقدس وقال عكرمة والربيع ووهب : هى بيت المقدس وكان قد خربها بخنتصر وهذا هو الاشهر واشتقاقها من القرى وهو الجمع وهى خاوية على عرشها أي ساقطة على سقوفها بأن سقط السقف أولا ثم تهدمت الجدران عليه وقيل : المعنى خالية عن أهلها ثابتة على عروشها أي إن بيوتها قائمة والجار والمجرور على الأول متعلق بخاوية وعلى الثانى بمحذوف وقع خبرا بعد خبر لهى والجملة قيل في موضع الحال من الضمير المستتر في مر وقيل : من قرية ويجئ الحال من النكرة على القلة وقيل : في موضع الصفة لها ويبعده توسط الواو ومن الناس من جوز كون على عروشها بدلا من قرية بإعادة الجار وكونه صفة لها وجملة وهى خاوية إما حال من العروش أو من القرية أو من ها والعامل معنى الاضافة والكل مما لا ينبغى حمل التنزيل عليه قال في نفسه أو بلسانه أنى يحى هذه الله بعد موتها المشار اليه إما نفس القرية بدون تقدير كما هو الظاهر فالإحياء والاماتة مجازان عن العمارة والخراب أو بتقدير مضاف أي أصحاب هذه القرية فالإحياء والإماتة على حقيقتها وإما عظام القرية البالية وجثثهم المتفرقة والسياق دال على ذلك والاحياء والاماتة على حالها أيضا فعلى القول بالمجاز يكون هذا القول على سبيل التلهف والتشوق إلى عمارة تلك القرية لكن مع استشعار اليأس عنها على أبلغ وجه وأوكده ولذا أراه الله تعالى أبعد الامرين في نفسه ثم في غيره ثم أراه ما استبعده صريحا مبالغة في إزاحة ما عسى يختلج في خلده وعلى القول الثانى يكون اعترافا بالعجز عن معرفة طريق الاحياء واستعظامه لقدرة المحى إذا قلنا : إن القائل كان مؤمنا وإنكارا للقدرة على ذلك إن كان كافرا ورجح أول الاحتمالات الثلاثة في المشار اليه بأن إرادة إحياء لأهل أو عظامهم يأباه التعرض لحال القرية دون حال من ذكر والاقتصار على ذكر موتهم دون كونهم ترابا أو عظاما نخرة مع كونه أدخل في الاستبعاد لشدة مباينته للحياة وغاية بعده عن قبولها على أنه لم تتعلق إرادته تعالى بإحيائهم كما تعلقت إرادته تعالى بعمارتها ومعانيه المار لها كما ستسمعه وتقديم المفعول على الفاعل للاعتناء به من حيث إن الاستبعاد ناشئ من جهته لا من جهة الفاعل و أتى نصب على الظرفية إن كانت بمعنى متى وعلى الحالية من هذه إن كانت بمعنى كيف والعامل فيه على أي حال يحي فأماته الله مائة عام أي فألبثه ميتا مائة عام ولا بد من اعتبار هذا التضمين لأن الاماتة بمعنى إخراج الروح وسلب الحياة مما لا تمتد والعام السنة من العوم وهو السباحة وسميت بذلك لأن الشمس تعوم في جميع بروحها ثم بعثه أي أحياه من بعثت الناقة إذا أقمتها من مكانها ولعل إيثاره على أحياه للدلالة على سرعته وسهولة