من أول الأمر بتأييد وليه له في المحاجة فان التربية نوع من الولاية أن ءاته الله الملك أي لأن آتاه الله تعالى ذلك فالكلام على حذف اللام وهو مطرد في أن وإن وليس هناك مفعول لأجله منصوب لعدم إتحاد الفاعل والتعليل فيه على وجهين : إما أن إيتاء الملك حملة على ذلك لأنه أورثه الكبر والبطر فنشأت المحاجة عنهما وإما أنه من باب العكس في الكلام بمعنى أنه وضع المحاجة وضع الشكر إذ كان من حقه أن يشكر على ذلك فعلى الأول العلة تحقيقية وعلى الثاني تهكمية كما تقول عاداني فلان لأني أحسنت اليه وجوز أن يكون آتاه الخ واقعا موقع الظرف بدون تقدير أو بتقدير مضاف أي حاج وقت أن آتاه الله وأورد عليه أن المحاجة لم تقع وقت إيتاء الملك بل الإيتاء سابق عليها وبأن النحاة نصوا على أنه لا يقوم مقام الظرف الزماني إلا المصدر الصريح بلفظة كجئت خفوف النجم وصياح الديك ولا يجوز إن خفف وإن صاح .
وأجيب باعتبار الوقت ممتدا وبأن النص معارض بأنهم نصوا على أن ما المصدرية تنوب عن الزمان وليست بمصدر صريح والذى جوز ذلك ابن جني والصفار في شرح الكتاب والحق أن التعليل لما أمكن وهو متفق عليه خال عما يقال لا ينبغي أن يعدل عنه لا سيما وتقدير المضاف مع القول بالإمتداد وإلتزام قول ابن جني والصفار مع مخالفته لكلام الجمهور في غاية من التعسف والآية حجة على من منع إيتاء الله الملك لكافر وحملها على إيتاء الله تعالى ما غلب به وتسلط من المال والخدام والأتباع أو على أن الله تعالى ملكه إمتحانا لعباده كما فعل المانع القائل بوجوب رعاية الأصلح ليس بشئ إذ من له مسكة من الإنصاف يعلم أنه لا معنى لإيتاء الملك والتسليط إلا إيتاء الأسباب ولو سلم ففي إيتاء الأسباب يتوجه السؤال ولو سلم فما من قبيح إلا ويمكن أن يعتبر فيه غرض صحيح كالإمتحان ولقوة هذا الإعتراض إلتزم بعضهم جعل ضمير آتاه لإبراهيم عليه السلام لأنه تعالى قال : لا ينال عهدي الظالمين وقال سبحانه : فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما وهو المحكي عن أبي قاسم البلخي ولا يخفى أنه خلاف المنساق إلى الذهن وخلاف التفسير المأثور عن السلف الصالح والواقع مع هذا يكذبه إذ ليس لإبراهيم عليه السلام إذ ذاك ملك ولا تصرف ولا نفوذ أمر .
وذهب بعض الإمامية إلى أن الملك الذي لا يؤتيه الله للكافر هو ما كان بتمليك الأمر والنهي وإيجاب الطاعة على الخلق وأما ما كان بالغلبة وسعة المال ونفوذ الكلمة قهرا كملك نمروذ فهو مما لا ينبغي أن ينتطح فيه كبشان أو تكون فيه كلمتان والقول : بأن هذا المارد أعطى الملك بالإعتبار الأول خارج عن الإنصاف بل الذي أوتي ذلك في الحقيقة إبراهيم E إلا أنه قد عورض في ملكه وغولب على ما من الله تعالى به عليه إلى أن قضى الله تعالى ما قضى ومضى من مضى وللباطل جولة ثم يزول وهو كلام أقرب ما يكون إلى الصواب لكنى أشم منه ريح الضلال ويلوح لي أنه تعريض بالأصحاب والله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وفي العدول عن الإضمار إلى الإظهار في هذا المقام ما لا يخفى إذ قال إبراهيم ظرف لحاج وجؤز أن يكون بدلا من آتاه بناءا على القول الذي علمت وإعترضه أبو حيان بأن الظرفين مختلفان إذ وقت إيتائه الملك ليس وقت إبراهيم عليه السلام ربي الذي يحي ويميت فانه على ما روى قاله أن سجن لكسره الأصنام وإثر قول نمروذ له وقد كان أوتي قبل الملك : من ربك الذي تدعو إليه وأجاب السفاقسي بالتجوز في آتاه وعدم إرادة إبتداء الإتيان منه بل زمان الملك وهو ممتد يسع قولين بل أقوالا واعترض أبو البقاء أيضا بأن المصدر غير الظرف فلو كان