جار مجرى التعليل لما قبله فإن إلحاقها في المسألة ومبالغتها في التضرع إلى الله تعالى ومدافعته E إياها علمه D بحاملها من دواعي الأجابة وقيل : هي حال كالجملة السابقة وفيه أيضا بعد وقوله تعالى : إن الله سميع بصير .
1 .
- تعليل لما قبله بطريق التحقيق أي أنه تعالى يسمع كل المسموعات ويبصر كل المبصرات على أتم وجه وأكمله من قضية ذلك أن يسمع سبحانه تجاورهما ويرى ما يقارنه من الهيئات التي من جملتها رفع رأسها إلى السماء وسائر آثار التضرع والأسم الجليل في الموضعين لتربية المهابة وتعليل الحكم بما اشتهر به الأسم الجليل من وصف الألوهية وتأكيد استقلال الجملتين وقوله D : الذين يظهرون منكم من نسآئهم شروع في بيان شأن الظهار في نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا وفي ذلك تحقيق قبول تضرع تلك المرأة وإشكاؤها بطريق الأستئناف .
والظهار لغة مصدر ظاهر وهو مفاعلة من الضهر ويراد به معان مختلفة راجعة إلى الظهر معنى ولفظا باختلاف الأغراض فيقال : ظاهر زيد عمرا أي قابل ظهره بظهره حقيقة وكذا إذا غايظه وإن لم يقابل حقيقة بإعتبار أن المغايظة تقتضي هذه المقابلة وظاهره إذا نصره باعتبار أنه يقال : قوي ظهره غذا نصره وظاهربين ثوبين إذا لبس أحدهما فوق الآخر باعتبار جعل ما يلي به كل منهما الآخر ظهرا للثوب وظاهر من امرأته إذا قال لها : أنت علي كظهر أمي وغاية ما يلزم كون لفظ الظهر في بعض هذه التراكيب مجازا وهو لا يمنع الأشتقاق منه ويكون المشتق مجازا أيضا وهذا الأخير هو المعنى الذي نزلت فيه الآيات .
وعرفه الحنفية شرعا بأنه تشبيه المنكوحة أو عضوا منها يعبر به عن الكل كالرأس أو جزء شائع منها كالثلث بقريب محرم عليه على التأييد أو بعضو منه يحرم عليه النظر إليه .
وحكى عن الشافعية أنه تشبيهها أو عضو منها بمحرم من نسب أو رضاع أو مصاهرة أو عضو منه لا يذكر للكرامة كالد والصدر وكذا العضو الذي يذكر لها كالعين والرأس إن قصد معنى الظهار هو التشبيه بتحريم نحو الأم لا أن قصد الكرامة أو أطلق في الأصح وتخصيص المحرم بالأم قول قديم للشافعي عليه الرحمة وتفصيل ذلك في كتب الفقه للفريقين وكان الظهار بالمعنى السابق طلاقا في الجاهلية قيل : وأول الأسلام .
وحكى بعضهم أنه كان طلاقا يوجب حرمة مؤبدة لا رجعة فيه وقيل : لم يكن طلاقا من كل وجه بل لتبقى معلقة لا ذات زوج ولا خلية تنكح غيره وذكر بعض الأجلة أنهم كانوا يعدونه طلاقا مؤكدا باليمين على الأجتناب ولذا قال الشافعية : إن فيه الشائبتين وسيأتي إن شاء الله تعالى الأشارة إلى حكمه الشرعي وعدي بمن مع أنه يتعدى بنفسه لتضمنه معنى التبعيد ولما سمعت أنه كان طلاقا وهو مبعد والظهر في قولهم : أنت علي كظهر أمي قيل : مجاز عن البطن لأنه إنما يركب البطن فكظهر أمي أي كبطنها بعلاقة المجاورة ولأنه عموده لكن لا يظهر ما هو المصارف عن الحقيقة من النكات وقيل : خص الظهر لأنه محل الركوب والمرأة مركوب الزوج ومنثم سمي المركوب ظهرا وقيل : خص ذلك لأن إتيان المرأة من ظهرها في قبلها كان حراما فإتيانه أمه من ظهرها أحرم فكثر التغليظ وإقحام منكم في الآية للتصوير والتهجين لأن الظهار كان مخصوصا بالعرب ومنه يعلم أنه ليس من مفهوم الصفة ليستدل به على عدم صحة ظهار الذمي كما حكي عن المالكية ومن هنا قال الشافعية : يصح من الذمي والحربي لعموم الآية وكذا الحنابلة والحنفية