النكرة موصوفة بما يفهمه التنوين من التعظيم فتقدر الجملة صفة مقطوعة تحقيقا لذلك وتقديرا له فيصبح تقدير السؤال حينئذ مما لا يكاد يقبله الذهن السليم والكفرون هم الظلمون .
254 .
- أي المستحقون لاطلاق هذا الوصف عليهم لتناهي ظلمهم والجملة معطوفة على محذوف أي فالمؤمنون المتقون موفون والكافرون الخ والمراد بهم تاركو الانفاق رأسا وعبر عن التارك بالكافر تغليظا شبه فعله وهو ترك الانفاق بالكفر أو جعل مشارفة عليه أو عبر بالملزوم عن اللازم فهو إما استعارة تبعية أو مجاز مشارفة أو مجاز مرسل أو كناية ومثل ذلك وضع من كفر موضع من لم يحج آخر آية الحج وبعضهم لم يتجوز بالكفر وقال : إنه عبارة عن الكفر بالله تعالى حقيقة وفائدة الإخبار حينئذ الإشارة إلى أن نفى تلك الأشياء بالنسبة إليهم وأن ذلك لا يعد منا ظلما لهم لأنهم هم الظالمون لأنفسهم المتسببون لذلك الله لا إله إلا هو مبتدأ وخبر والمراد هو المستحق للعبودية لا غير قيل : وللناس في رفع الضمير والمنفصل وكذا في الاسم الكريم إذا حل محله أقوال خمسة : قولان معتبران وثلاثة لا معول عليها فالقولان المعتبران : أحدهما أن يكون رفعه على البدلية وثانيهما أن يكون على الخبرية والاول هو الجارى على ألسنة المعربين وهو رأى ابن مالك وعليه إما أن يقدر للأخير أو لا والقائلون بالتقدير اختلفوا فمن مقدر أمرا عاما كالوجود والامكان ومن مقدر أمرا خاصا كلنا وللخلق واعترض تقدير للعام بأنه يلزم منه أحد المجذورين إما عدم إثبات الوجود بالفعل لله تعالى شأنه وإما عدم تنزهه سبحانه عن إمكان الشركة وكذا تقدير الخاص يرد عليه أنه لا دليل عليه أو فيه خفاء ويمكن الجواب باختيار تقديره عاما ولا محذور أما على تقدير الوجود فلأن نفى الوجود يستلزم نفى الإمكان إذ لو اتصف فرد آخر بوجوب الوجود لوجود لوجد ضرورة فحيث لم يوجد علم عدم اتصافه به وما لم يتصف بوجود الوجود لم يمكن أن يتصف به لاستحالة الانقلاب وأما على تقدير الامكان فلأنا نقول قد ظهر أن إمكان اتصاف شيء بوجوب الوجود يستلزم اتصافه بالفعل بالضرورة فإذا استفيد إمكانه يستفاد وجوده أيضا إذ كل ما لم يوجد يستحيل أن يكون واجب الوجود على أنه قد ذكر غير واحد أن نفى وجود إله غيره تعالى يجوز أن يكون مرتبة من التوحيد يناط بها الاسلام ويكتفى بها من أكثر العوام وإن لم يعملوا نفى إمكانه سيما مع الغفلة وعدم الشعور به فلا يضر عدم دلالة الكلمة عليه بل قال بعضهم : إن إيجاب النفى جاء والآلهة غير الله تعالى موجودة وقد قامت عبادتها على ساق وعكف عليها المشركون في سائر الآفاق فأمر الناس بنفى وجودها من حيث أنها آلهة حقه ولو كان إذ ذاك قوم يقولون بإمكان وجود إله حق غيره تعالى لكنه غير موجود أصلا لأمروا بنفى ذلك الإمكان ولا يخفى أن هذا ليس من المتانة بمكان ويمكن الجواب باختيار تقديره خاصا بأن يكون ذلك الخاص مستحقا للعبادة والمقام قرينة واضحة عليه وعترض بأنه لا يدل على نفى التعدد لا بالإمكان ولا بالفعل لجواز وجود إله غيره سبحانه لا يستحق العبادة وبأنه يمكن أن يقال : إن المراد إما نفى المستحق غيره تعالى بالفعل أو الامكان والأول لا ينفى الامكان والثاني لا يدل على استحقاقه تعالى بالفعل وأجيب بأن من المعلوم بأن وجوب الوجود مبدأ جميع الكمالات فلا ريب أنه يوجب استحقاق التعظيم والتسجيل ولا معنى لاستحقاق العبادة سواه فإذا لم يستحق غيره تعالى للعبادة لم يوجد غيره تعالى وإلا لاستحق العبادة قطعا وإذا لم يوجد لم يكن ممكنا أيضا على ما أشير إليه فثبت أن نفى الاستحقاق يستلزم نفى التعدد مطلقا والقائلون بعدم