ولعل الجواب عن هذا الجواب عن ذلك مع أدنى تغيير فلا تغفل وما ذكره من توجيه التكرير مما تفرد به فيما أعلم والأكثرون على أنه للتأكيد إلا أن وراءه سرا خص منه كما ذكره صاحب الانتصاف وهو أن العرب متى بنت أول كلامها على مقصد ثم اعترضها مقصد آخر وأرادت الرجوع إلى الأول طرت ذكره إما بتلك العبارة أو بقريب منها وذلك عندهم مهيع من الفصاحة مسلوك وطريق معبد وفي كتاب الله تعالى مواضع من ذلك منها قوله تعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا وهذه الآية من هذا النمط فإنه لما صدر الكلام بأن اقتتالهم كان على وفق المشيئة ثم لما طال الكلام وأريد بيان أن مشيئة الله تعالى كما نفذت في هذا الامر الخاص وهو اقتتال هؤلاء فهى نافذة في كل فعل ةاقع وهو المعبر عنه في قوله تعالى : ولكن الله يفعل ما يريد طرأ ذكر تعلق المشيئة بالاقتتال ليتلوه عموم تعليق المشيئة ليتناسب الكلام ويقرن كل بشكله وهذا سر ينشرح لبيانه الصدر ويرتاح به السر ولعله أحسن من القول بأن الاول واسطة والثاني بواسطة المؤمنين أو بالعكس هذا وفي الآية دليل على أن الحوادث تابعة لمشيئة الله تعالى خيرا كانت أو شرا إيمانا أو كفرا .
يا ايها الذين ءامنوا انفقوا مما رزقنكم قيل : أراد به الفرض كالزكاة دون النفل لان الأمر حقيقة في الوجوب ولاقتران الوعيد به وهو المروى عن الحسن وقيل : يدخل فيه الفرض والنقل وهو المروى عن ابن جريج واختاره البلخى وجعل الامر لمطلق الطلب وليس فيما بعد سوى الاخبار بأهوال يوم القيامة وشدائدها ترغيبا في الانفاق وليس فيه وعيد على تركه ليتعين الوجوب وقال الاصم : المراد به الانفاق في الجهاد والىليل عليه أنه مذكور بعد الأمر بالجهاد معنى وبذلك ترتبط الآية بما قبلها ولا يخفى أن هذا الدليل مما لا ينبغى أن يسمع لأن الارتباط على تقدير العموم حاصل أيضا بدخول الانفاق المذكور فيه دخولا أوليا وكذا على تقدير إرادة الفرض لأن الانفاق في الجهاد قد يكون فرضا إذا توقف الفرض عليه و م موصولة حذف عائدها والتعرض لوصوله منه تعالى للحث على الانفاق والترغيب فيه .
من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة أي لا مودة ولا صداقة ولا شفعة أي لأحد إلا من بعد أن يأذن الرحمن لمن يشاء ويرضى وأراد بذلك يوم القيامة والمراد من وصفه بما ذكر الاشارة إلى أنه لا قدرة لأحد فيه على تحصيل ما ينتفع به بوجه من الوجوه لأن من في ذمته حق مثلا إما أن يأخذ بالبيع ما يؤديه به وإما أن يعينه أصدقاؤه وإما أن يلتجئ إلى من يشفع له في حطه والكل منتف ولا مستعان إلا بالله D و من متعلقة بما تعلقت به أختها ولا ضير لاختلاف معنييهما إذ الأولى تبعيضية وهذه لابتداء الغاية وإنما رفعت هذه المنفيات الثلاثة مع أن المقام يقتضى التعميم والمناسب له الفتح لأن الكلام على تقدير هل بيع فيه أو خلة أو شفاعة والبيع وأخواه فيه مرفوعة فناسب رفعها في الجواب مع حصول العموم في الجملة وإن لم يكن بمثابة العموم الحاصل على تقدير الفتح وقد فنحها ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب على الأصل في ذكر ما هو نص في العموم كذا قالوا ولعل الأوجه القول بأن الرفع لضعف العموم في غالبها وهو الخلة والشفاعة للاستثناء الواقع في بعض الآيات والمغلوب منقاد لحكم الغالب وأما ما قالوه فيرد عليه أن ما بعد يوم جملة وقعت بعد نكرة فهى صفة غير مقطوعة ولا يقدر بين الصفة والموصوف إذا لم يكن قطع سؤال قطعا واعتبار كون