وقيل : كأنه لما شبه حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن من كونهم على سرر تطوف عليهم خدامهم بأنواع الملاذ شبه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البوادي من نزولهم في أماكن مخصبة فيها مياه وأشجار زظلال إيذانا بأن التفاوت بين الفريقين كالتفاوت بين أهل المدن والبوادي وذكر الإمام مدعيا أنه مما وفق قوله تعالى : في سدر مخضود وطلح منضود من باب قوله سبحانه : رب المشرق والمغرب لأن السدر أوراقه في غاية الصغر والطلح يعني الموز أوراقه في غاية الكبر فوقعت الإشارة إلى الطرفين فيراد جميع الأشجار لأنها نظرا إلى أوراقها محصورة بينهما وهو مما لا بأس به وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وجعفر بن محمد وعبد الله رضي الله تعالى عنهم وطلع بالعين بدل وطلح بالحاء وأخرج ابن الأنباري في المصاحف وابن جرير عن قيس بن عباد قال : قرأت على علي كرم الله تعالى وجهه وطلح منضود فقال : ما بال الطلح أما تقرأ وطلع ثم قرأ قوله تعالى : لها طلع نضيد فقيل له : يا امير المؤمنين انكحها من المصحف فقال : لا يهاج القرآن اليوم وهي رواية غير صحيحة كما نبه ذلك الطيبي وكيف يقر أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه تحريفا في كتاب الله تعالى المتداول بين الناس أو كيف يظن بأن نقلة القرآن ورواته وكتابه من قبل تعمدوا ذلك أو عغلوا عنه هذا والله تعالى قد تكفل بحفظه سبحانك هذا بهتان عظيم .
ثم إن الذي يقتضيه النظم الجليل كما قال الطيبي : حمل في سدر مخضود الخ على معنى التضليل وتكاثف الأشجار على سبيل الترقي لأن الفواكه مستغنى عنها بعد وليقابل قوله تعالى : وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم قوله سبحانه : وأصحاب اليمين الخ فإذن لا مدخل لحديث الطلع في معنى الظل وما يتصل به لكن قال صاحب الكشف : إن وصف الطلح بكونه منضودا لا يظهر له كثير ملاءمة لكون المقصود منفعة التظليل وينبغي أن يحمل الطلح على أنه من عظام العضاه على ما ذكره في الصحاح فشجر أم غيلان والموز لا ظل لهما يعتد به ثم قال ولو حمل الطلح على المشموم لكان وجها انتهى وقد قدمنا لك خبر سبب النزول فلا تغفل وفاكهة كثيرة أي بحسب الأنواع والأجناس على ما يقتضيه المقام .
لا مقطوعة في وقت من الأوقات كفواكه الدنيا ولا ممنوعة عمن يريد تناولها بوجه من الوجوه ولا يحظر عليها كما يحظر على بساتين الدنيا وقريء وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة بالرفع في الجميع على تقدير وهناك فاكهة الخ وفرش جمع فراش كسراج وسرج وقرأ أبو حيوة بسكون الراء مرفوعة منضدة مرتفعة أو مرفوعة على الأسرة فالرفع حسي كما هو الظاهر وقد أخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وجماعة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : ارتفاعها كما بين السماء والأرض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام ولا تستبعد ذلك من حيث العروج والنزول ونحوهما فالعالم عالم آخر وراء طور عقلك .
وأخرج هناد عن الحسن أن ارتفاعهما مسيرة ثمانين سنة وليس بمثابة الخبر السابقق وقال بعضهم : أي رفيعة القدر على أن رفعها معنوي بمعنى شرفها وأيا ما كان فالمراد بالفرش ما يفرش للجلوس عليه وقال أبو عبيدة المراد بها النساء لأن المرأة يكنى عنها بالفراش كما يكنى عنها باللباس ورفعهن في الأقدار والمنازل .
وقيل : على الأرائك وأريد إرادة النساء بقوله تعالى : إنا أنشأنهن إنشاء .
35 .
- لأن الضمير في الأغلب