تعليمه إلى اسم الرحمن للإيذانبأنه من آثار الرحمة الواسعة وأحكامها وتقديم المسند إليه إما للتأكيد أو للحصر وفيهمن تعظيم شأن القرآن ما فيه وقيل : الرحمن خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوفأي الله الرحمن أو الرحمن ربنا وما بعد مستأنف لتعديد نعمه D وهو خلاف الظاهر ثم أتبع سبحانه نعمة تعليم القرآن بخلق الإنسان فقالتعالى : خلق الإنسان .
3 .
- لأن أصل النعم عليه وإنما قدم ما قدم منها لأنه أعظمها وقيل : لأنه مشير إلى الغاية من خلق الإنسان وهو كماله في قوة العلم والغاية متقدمة على ذي الغاية ذهنا وإنكان الأمر بالعكس خارجا والمراد بالإنسان الجنس وبخلقه إنشاؤه على ما هو عليه من القوى الظاهرة والباطنة ثم أتبع D ذلك بنعمة تعليم البيان فقال سبحانه : علمه البيان .
4 .
- لأن البيان هو الذي بهيتمكن عادة من تعلم القرآن المراد به المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير .
والمراد بتعليمه نحو ما مر وفي الإرشاد أن قوله تعالى : خلق الإنسان تعيين للمتعلم وقوله سبحانه : علمه البيان تبيين لكيفية التعليم والمراد بتعليم البيان تمكين الإنسان من بيان نفسه ومن فهم بيان غيرهإذ هو الذي يدور عليه تعليم القرآن وقيل : بناءا على تنقدير المفعولالمحذوف الملائكة المقربين إن تقديم تعليم القرآن لتقدمه وقوعافهم قدعلموه قبل خلق الإنسان وربما ثيرمز إليه قوله تعالى : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون وفي النظم الجليل عليه حسن زائد حيث أنه تعالى ذكر أموراعلوية وأموراسفلية وكل علوي قابله بسفلي ويأتي هذا على تقدير المفعول جبريل عليه السلام أيضا وقال الضحاك : البيان الخير والشر وقال ابن جريج : سبيل الهدى وسبيل الضلالة وقال يمان : الكتابة والكل كما ترى وجوز أن يراد به القرآنوقد سماه الله تعالى بيانا في قوله سبحانه : هذا بيان وأعيد ليكون الكلام تفصيلا لإجمال علم القرآن وهذا في غاية البعد وقال قتادة : الإنسان آدم و البيان علم الدنيا والآخرة وقيل : البيان أسماء الأشياء كلها وقيل : التكلم بلغات كثيرة وقيل : الاسم الأعظم الذي علم به كل شيء ونسبهذا إلى جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه .
وقالابن كسيان : الإنسان محمد ص - وعليه قيل : المراد بالبيان بيان المنزل والكشف عن المراد به كما قال تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم أو الكلام الذي يشرح به المجمل والمبهم في القرآن أو القرآن نفسه على ما سمعت آنفا أو نحو ذلك مما يناسبه E ويليقبه المعاني السابقة ولعل ابن كسيان يقدر مفعولأعلم الإنسان مرادابه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أيضا وهذه أقوال بين يديك المتبادر من الآيات الكريمة لا يخفى عليك ولا أظنك في مرية من تبادر ما ذكرناه فيها أولا ثم إن كلا من الجملتين الأخيرتين خبر عن المبتدأكجملة علم القرآن وكذا قوله تعالى : الشمس والقمر بحسبان .
5 .
- والجار والمجرور فيه خبر بتقدير مضاف أي جرى الشمس والقمر كائن أومستقر بحسبان أو الخبر محذوف والجار متعلق به أي يجريان بحسبان وهو مصدر كالغفران أن بمعنى الحساب كما قال قتادة وغيره أي هما يجريان بحسبان مقدر في بروجهما ومنازلهما بحيث ينتظم بذلك أمور الكائنات السفلية وتختلف الفصول والأوقات ويعلم السنون والحساب وقال الضحاك وأبو عبيدة : هو جمع حساب كشهبان وشهبان أي هما يجريان بحسابات شتى في بروجهما ومنازلهما وقال مجاهد : الحسبان الفلك المستدير من حسبان الرحا وهو ما أحاط بها من أطرافها المستديرة وعليه فالباء للظرفية والجار والمجرور في موضع