يسأله من في السماوات والأرض الآية وحكى الأستثناء المذكور في جمال القراء عن بعضهم ولم يعنيه وعدد آياتها ثمان وسبعون آية في الكوفي والشامي وسبع وسبعون في الحجازي وست وسبعون في البصري .
ووجه مناسبتها لما قبلها على ما قال الجلال السيوطي : أنه لما قال سبحانه في آخر ما قيل بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وامر ثم وصف D حال المجرمين في سقر وحال المتقين في جنات ونهر فصل هذا الإجمال في هذه السورة أتم تفصيل على الترتيب الوارد في الإجمال فبدأبوصف مرارة الساعة والإشارة إلى شدتها ثم وصف النار وأهلها ولذا قال سبحانه : يعرف المجرمون بسيماهم ولم يقل الكافرون أو نحوه لاتصاله معنى بقوله تعالى هناك : إن المجرمين ثم وصف الجنة وأهلها ولذا قال تعالى فيهم : ولمن خاف مقام ربه جنتان وذلك هو عين التقوى ولم يقل آمن أو أطاع أو نحوه لتتوافق الألفاظ في التفصيل والمفصل ويعرف بما ذكر أن هذه السورة كالشرح لآخر السورة قبلها وقال أبو حيان في ذلك : أنهتعالى لما ذك هناك مقر المجرمين في سعر ومقر المتقين في جنات ونهر عند مليك مقتدر وذكر سبحانه هنا شيئامن آيات الملك وآثاره القدرة ثم ذكر جل وعلا مقر الفريقين على جهة الإسهاب إذ كان هناك على جهة الأختصار ولما أبرز قوله تعالى : عند مليك مقتدر بصورة التنكير فكأن سائلايسأل ويقول من المتصف بهاتين الصفتين الجليلتين فقيل : الرحمن الخ والأولى عندي أن يعتبر في وجه المناسبة أيضا ما في الإرشاد وهو أنهتعالى لما عدد في السورة السابقة ما نزل بالأمم السالفة من ضروب نقم الله D وبين عقيب كل ضرب منها أن القرآن قد يسر لتذكر الناس واتعاظهم ونعي عليهم إعراضهم عن ذلك عدد في هذه السورة الكريمة ما أفاضعلى كافة النام من فنون نعمه الدينية والدنيوية والأنفسية والآفاقية وأنكر عليهم إثر كل فنمنها إخلالهم بمواجب شكرها وهذا التكرار أحلى من السكر إذا تكرر وفي الدرر والغرر لعلم الهدى السيد المرتضي التكرار في سورة الرحمن إنما حسن للتقرير بالنعم المختلفة المعددة فكلما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها وبخ على التكذيب بها كما يقول الرجل لغيره ألم أحسن إليك بأن خولتك في الأموال ألم أحسن إليك بأن فعلت بك كذا وكذا فيحسن فيه التكرير لاختلاف ما يقرر به وهو كثير في كلام العرب واشعارهم كقول مهلهل يرثي كليبا : علىأن ليس عدلا من كليب إذاما ضيم جيران المجير علىأن ليس عدلامن كليب إذا رجف العضاه من الدبور على أن ليس عدلا من كليب إذا خرجت مخبأة من الخدور على أن ليسعدلا من كليب إذا ما أعلنت نجوى الأمور على أن ليس عدلا من كليب إذا خيف المخوف من الثغور على أن ليس عدلا من كليب غداة تأثل الأمر الكبير على أن ليس عدلا من كليب إذا ما خار جاش المستجير ثم أنشد قصائد أخرى على هذا النمط ولو لا خوف الملل لأوردتها ولا يرد على ما ذكره أن هذه الآية قد ذكرت بعد ما ليس نعمة لما ستعلمه إن شاء الله تعالى في محله وقسم في الأتفاق التكرار إلى أقسام وذكر أن منه ما هو لتعدد بأن يكون المكرر ثانيا متعلقابغير ما تعلق به الأول ثم قال : وهذأ القسم يسمى بالترديد وجعل منه قوله تعالى : فبأي آلاء ربكما تكذبان فإنهما وإن تكررت إحدى وثلاثين مرة فكل واحدة