وقال عكرمة : فاتحين آذانهم إلى الصوت وعن ابن عباس ناظرين إليه لا تقلع أبصارهم عنه وأنشد قول تبع : تعبدني نمر بن سعد وقد أرى ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع وفي رواية أنه فسره بخاضعين وأنشدالبيت وقيل : خافضين ما بين أعينهموقال سفيان : شاخصة أبصارهم إلى السماء وقيل : أصل الهطع مد العنق أو مدالبصر ثم يكنىبه عن الإسراع أو عن النظر والتأملفلا تغفل يقول الكافرون هذا يوم عسر .
8 .
- صعب شديد لما يشاهدون من مخايل هوله وما يرتقبون من سوء منقلبهم فيه وفي إسناد القول المذكور إلى الكفار تلويح بأنهعلى المؤمنين ليسكذلك كذبت قبلهم قوم نوح شروع في تعداد بعض ما ذكر من الأنباء الموجبة للزدجارونوعتفصيل لهاوبيان لعدم تأثرهم بها تقريرا لفحوى قوله تعالى : فما تغنى النذر والفعل منزل منزلة اللازم أيفعلت التكذيب قبلتكذيب قومك قوم نوح وقوله تعالى : فكذبوا عبدنا تفسير لذلك التذكيب المبهم كما في قوله تعالى : ونادىنوح ربه فقال الخ وفيه مزيد تحقيق وتقرير للتكذيب وجوز أن يكون المعنى تكذبوا تكذيبا إثر تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب جاء عقيبه قرن آخر مثله أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا أي لما كانوا مكذبين للرسل جاحدين للنبوة رأساكذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل والفاعلية عليه سببية وقيل : معنى كذبت قصدتالتكذيب وابتدأته ومعنى فكذبوا أتموه وبلغوا نهايته كما قيل في قوله : قدجبر الدين الإله فجبر .
وفي ذكره عليه السلام بعنوان العبودية مع الإضافة إلى نون العظمة تفخيم لهعليه السلام ورفع لمحله وتشنيع لمكذبيه .
وقالوا مجنون أي لم يقتصروا على مجرد التكذيب بل نسبوه إلى الجنون فقالوا هو مجنون وازدجر .
9 .
- عطف على قالوا وهو إخبار منه D أي وزجر عن التبليغ بأنواعالأذية والتخويف قاله ابن زيد وقرا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين وقال مجاهد : هو من تمام قولهم أي هو مجنون وقد ازدجرته الجن وذهبت بلبه وتخبطته والأول أظهر وأبلغ وجعل مبنيا للمفعول لغرضالفاصلة وطهر الألسنة عن ذكرهم دلالة علىأنفعلهم أسوأمن قولهم فدعا ربه أني أي بأني .
وقرأابن أبي إسحاق وعيسى والأعمش وزيد بن علي ورويتعن عاصم إني بكسر الهمزة على إضمار القول عند البصريين وعلى إجراء الدعاء مجرى القول عند الكوفيين مغلوب من جهة قومي ماليقدرة على الأنتقام منهم فانتصر .
10 .
- فانتقم ليمنهم وقيل : فانتصر لنفسك إذ كذبوا رسولك وقيل : المراد بمغلوب غلبتني نفسي حتى دعوت عليهم بالهلاك وهو خلاف الظاهر وما دعا عليه السلام عليهم إلابعد اليأس من إيمانهم والتأكيد لمزيدالأعتناء بأمر الترحمالمقصود من الأخبار .
ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر .
11 .
- أي منصب وقيل : كثير قال الشاعر : أعيناي جودابالدموع الهوامر على خير باد من معدوحاضر والباء للآلهة مثلها فيفتحت الباب بالمفتاح وجوز أن تكون للملابسة والأول أبلغ وفي الكلام استعارة تمثيلية بتشبيه تدفق المطر من اليحاب بانصباب أنهارانفتحت بها أبواب السماء وانشق أديم الخضراء وهو الذي ذهب إليه الجمهور وذهب قوم إلى أنه على حقيقته وهو ظاهر كلام ابن عباس