عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود قال : رأيت القمر منشقا شقتين مرتين بمكة قبل مخرج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الحديث وأما الإجماع فغير مسلم وفي المواهب قال الحافظ ابن حجر : أظن أن قوله : بالإجماع يتعلق بانشق لا بمرتين فإني لا أعلم من جزم من علماء الحديث بتعدد الأنشقاق في زمنه صلى الله تعالى عليه وسلم ولعل قائل مرتين أراد فرقتين وهذا الذيلا يتجه غيره جمعا بين الروايات انتهى ولا يخفى أن هذا التأويل مع بعده لا يتسنىفي خبرابن مسعود المذكور آنفا لمكان شقتينوهي بمعنى فرقتين ومرتين معا والذي عندي في تأويل ذلك أن مرتين في كلام ابن مسعود قيد للرؤيةوتعددها لا يقتضي تعدد الأنشقاقبأن يكون رآه منشقا فصرف نظره عنه ثم أعادهفرآه كذلك لم يتغير ففيهإشارة إلى أنها رؤية لا شبهة فيها وقد فعل نحو ذلك الكفرة أخرج أبو نعيم من طريق عطاء عن ابن عباس قال : انتهى أهل مكةإلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا : هل من آية نعرف بها أنك رسول الله فهبط جبريل عليه السلام فقال : يا محمد قل لأهل مكة أن يجتمعوا هذه الليلةيروا آية فأخبرهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بمقالة جبريل عليه السلام فخرجوا ليلةأربع عشرةفانشق القمر نصفين نصفا على الصفا ونصفا على المروة فنظروا ثم قالوا بأبصارهم فمسحوها ثم أعادوا النظر فنظروا ثم مسحوا أعينهم ثم نظروا فقالوا ما هذا إلا سحر فأنزل الله تعالى اقتربت الساعةوانشق القمر فلوقال أحدهؤلاء رأيت القمرمنشقا ثلاث مرات على معنى الرؤيةصح بلا غبار ولم يقتض تعدد الأنشقاق فليخرج كلام ابن مسعود على هذاالطرز ليجمع بين الروايات ثم هذا الحديث إن صح كان دليلا لما أشارإليه البوصيري في قوله : شق عن صدره وشق له البلد رومن شرط كل شرط جزاء من أن الشق كان ليلة أربع عشرة لأن البدر هو القمرليلة أربع عشرة ويعلم من ذلك ما في قول العلامةابن حجر الهيتي في شرحه : الظاهر التعبير بالبدر دون القمر أن الشق كان ليلة أربع عشرة ولم أر له في ذلك سلفا ولعله أراد بالبدر مطلق القمر ويؤيد كونه ليلةالبدر ما أخرجه الطبراني وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كسف القمر على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا : سحر القمر فنزلت اقتربت الساعة إلى مستمر فإن الكسوف وإن جاز عادةأن يكون ليلة الثالث عشر وليلة الخامس عشرإلا أن الأغلب كونه ليلة الرابع عشر ولا ضرورةإلى حمل الكسوف في هذا الخبر على الإنشقاق إذ لا مانع كما في البداية والنهايةأن يكون قد حصل للقمر مع انشقاقه كسوف نعم ذكر فيها أن سياق الخبر غريب .
ثم إن القمر بعد انشقاقه لم تفارق قطعته السماء بل بقيتا فيها متباعدتين تباعدا ما لحظة ثم اتصلتا وما يذكره بعض القصاص من أنه دخل في جيب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وخرج من كمه فباطل لا أصل له كما حكاه الشيخ بدر الدين الزركشي عن شيخه العماد بن كثير ولعنة الله تعالىعلى من وضعه وما في خبر أبي نعيم الذي أخرجه من طريق الضحاك عن ابن عباس من أنه انشق فصار قمرين أحدهما علىالصفا والآخر على المرة قدرما بين العصرإلى الليلينظرون إليه ثم غاب لا يعول عليه كيف وقد تضمن ذلك الخبرأن الأنشقاق وقع لطلب أحبار اليهود وأن القائل هذا سحر مستمر هم وهو مخالف لما نطقت به الأخبارالصحيحة الكثيرة كما لا يخفى على المتتبع وقد شاع أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أشارإلى القمر بسبابته الشريفة فانشق ولم أره في خبر صحيح والله تعالى أعلم