وخص هذا النبيان عليهما السلام بالذكر قيل : لأنه فيما بين نوح وإبراهيم كانوا يأخذون الرجل بابنه وأبيه وعمه وخاله والزوج بامرأته والعبد بسيده فأول من خالفهم إبراهيم وقرر ذلك موسى ولم يأت قبله مقرر مثله عليه السلام وتقديمه لماصحفه أشهر عندهم وأكثر وقرأأبو أمامة الباهلي وسعيد بن جبير وأبو مالك الغفاري وابن السمقيع وزيد بن علي وفي بتخفيف الفاء ألا تزر وازرة وزر أخرى أي أنه لا تحمل نفس من شأنها الحمل حمل نفس أخرى على أن أن هي المخففة من الثقيلة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف والجملة المنفية خبرها ومحل الجملة الجر على أنها بدل مما فيصحف موسى أو الرفع على أنه خبر مبتدأمحذوف والأستئناف بياني كأنه قيل : ما في صحفها فقيل : هو أن لا تزر الخ والمعنى أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره ليتخلص الثاني عن عقابه ولا يقدح في ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة فإن ذلك وزر الإضلال الذي وهو وزره لا وزر غيره وقوله تعالى : وأن ليس للأنسان إلا ما سعى .
39 .
- بيان لعدم إثابة الإنسان بعمل غيره إثر بيان عدم مؤاخذته بذنب غيره وأن كأختها السابقة و ما مصدرية وجوز كونها موصولة أي ليس له إلا سعيه أو إلا الذي سعى به وفعله واستشكل بأنه أخبار وردت أخبار صحيحة بنفع الصدقة عنالميت منها ما أخرجه مسلم والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة أن رجلا قال لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها قال : نعم وكذا بنعالحج .
أخرج البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس قال : أتى رجل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إن أختي نذرت لأن تحج وأنها ماتت فقال النبي E : لو كان عليها دين أكنت قاضيه قال : نعم قال : فحق الله أحق بالقضاء وأجيب بأن الغير لما نوى ذلك الفعل له صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه شرعأ فكأنه بسعيه وهذا لا يتأتى إلا بطريق عموم المجاز أو الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه وأجيب أيضابأن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه من الأيمان فكأنه سعيه ودل على بنائه على ذلك ما أخرجه أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنةوأن هشاماابنهنحر حصته خمسين وأن عمرا سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك فقال : أما أبوك فلوكان أقر بالتوحيدفصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك وأجيب بهذا عما قيل : إن تضعيف الثواب الوارد في الآيات ينافي أيضاالقصر على سعيه وحده وأنت تعلم ما في الجواب من النظر وقال بعض أجلة المحققين إنه ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الأنتفاع بعمل الغير وهو ينافي ظاهر الآية فتفيد بمالا يهبه العامل وسأل وإلى خراسان عبد الله بن طاهر الحسبن بن الفضل عن هذه الآية مع قوه تعالى : والله يضاعف لمنيشاء فقال : ليس لهبالعدل إلا ما سعى وله بالفضل ما شاء الله تعالى فقبل عبد الله رأس الحسين وقالأ عكرمة : كان هذاالحكمفي قول إبراهيم وموسى عليهما السلام وأما هذه الأمة فللأنسان منها سعي غيره يدل عليه حديث سعد بن عبادة هل لأمي إذا تطوعت عنها قال ص - : نعم وقال الربيع : الأنسان هنا الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره وعن ابن عباس أن الآية منسوخة بقوله تعالى : والذين آمنوا واتبعتهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم وقد أخرج عنه ما يشعر به أبو داود