وفيرواية عن ابن عباس أنه ما يلم به المرء في الحين من الذنوب ثم يتوب والمعظم على تفسيره بالصغائروالأستثناء منقطع وقيل : إنه لا استثناء فيه أصلا و إلا صفة بمعنى غير إما لجعلالمضاف إلى المعرف باللام الجنسية أعني كبائر الأثم في حكم النكرة أو لأن غير و إلا التي بمعناها قد يتعرفانبالإضافة كما في غير المغضوب وتعقبه بعضهم بأن شرط جواز وقوع إلا صفة كونها تابعة لجمع منكر غيرمحصور ولم يوجد هنا ورد بأن هذا ما ذهب إليه ابن الحاجب وسيبويه يرى جواز وقوعها صفةجواز الأستثناء فهو لا يشترط ذلك وتبعه أكثر المتأخرين نعم كونها هنا صفة خلاف الظاهر ولا داعي إلى ارتكابه والآية عند الأكثرين دليل على أن المعاصي منها كبائر ومنها صغائر وأنكر جماعة من الأئمة هذا الأنقسام وقالوا : سائر المعاصي كبائر منهم الأستاذ ألو إسحاق الأسفرايني والقاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين في الإرشاد وتقيالدين السبكي وابن القريشي في المرشد بل حكاه ابن فروك عنالأشاعرة واختاره في تفسيره فقالمعاصي الله تعالى كلها عندنا كبائر وإنما وإنما يقال لبعضها صغيرة وكبيرة بالأضافة وحكى الأنقسام عند المعتزلة وقال : إنه ليس بصحيح وقال القاضي عبد الوهاب : لا يمكن أن يقال في معصية إنها صغيرةإلا على معنى أنها تصغر باجتناب الكبائر وبوافق ذلك ما رواه الطبراني عن ابن مسعود لكنه منقطع أنه ذكر عنده الكبائر فقال : كل ما نهى الله تعالى عنه فهو كبيرة وفي رواية كل شيء عصى الله تعالى فيه فهو كبيرة والجمهور على الأنقسام قيل : ولا خلاف في المعنى وإنما الخلاف في التسمية والإطلاق لإجماع الكل على أن المعاصي ما يقدح في العدالة ومنها ما لا يقدح فيها وإنما الأولون فروا من التسمية فكرهوا تسمية معصية الله تعالى صغيرة نظرا إلى عظمة الله D وشدة عقابه سبحانه وإجلالا له جل شانه عن تسمية معصيته صغيرة لأنها بالنظر إلى باهر عظمته كبيرة أي كبيرة ولم ينظر الجمهور إلى ذلك لأنه معلوم وقسموها إلى ما ذكر لظواهر الآيات والأحاديث ولذلك قال الغزالي : لا يليق إنكارالفرق بين الكبائر والصغائر وقد عرفنا من مدارك الشرع ثم القائلون بالفرق اختلفوا في حد الكبيرة فقيل : هي ما لحق صاحبها عليها بخصوصها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة وهي عبارة كثير من الفقهاء وقيل : كل معصية أوجبت الحد وبه قال البغوي وغيره والأول أوفق لما ذكروه في تفصيل الكبائر إذ عدوا الغيبة والنميمة والعقوق وغير ذلك منها ولا حد فيه فهو أصح من الثاني وإن قال الرافعي : إنهم إلى ترجيحه أميل وقيل يقال : يرد على الأولأيضاأنهم عدوا من الكبائر ما لم يرد فيه بخصوصه وعيد شديد .
وقيل : هي كل ما نص الكتاب على تحريمه أو وجب في جنسه حدوترك فريضة تجب فورا والكذب في الشهادةوالرواية واليمين زاد الهروي وشريح وكل قول خالف لأجماع العام وقيل : كل جريمة تؤذنبقلة اكتراث مرتكبها بالدينورقة الديانة وهو المحكي عن إمام الحرمين ورجحه جمع لما فيه من حسن الضبط وتعقب بأنه بظاهره ديتناول صغيرة الخسة والإمام كما قال الأذرعي إنما ضبط به ما يبطل العدالة من المعاصي الشاملة لذلك لا الكبيرة فقط نعم هو أشمل من التعريفين الأولين وقيل : هي ما أوجب الحد أو توجه إليه الوعيد ذكره الماوردي في فتاويه وقيل : كل محرم لعينه منهي عنه لمعنى في نفسه فإن فعله على وجه يجمع وجهين أو وجوها من التحريم كانفاحشة فالزنا كبيرة وبحليلة الجارفاحشة والصغيرة ما تنقص رتبته عن رتبته المنصوص عليه أو تعاطيه على وجه دون المنصوص عليه فإن تعاطاه على وجه يجمع وجهين أو أكثر من التحريم