وقوله تعالى : ليجزي الذين أسآئوا بماعملوا أي خلق ما فيهما ليجزي الضالين بعقاب ما عملوا من الضلال الذي عبر بالأساءة بيانا لحاله أو بمثل ما عملوا أو بسبب ما عملوا على أن الباء صلة الجزاء بتقدير مضاف أو للسببية بلا تقدير ويجزي الذين أحسنوا أي اهتدوا بالحسنة أي بالمثوبة الحسنة التي هي الجنة أو بأحسن من أعمالهم أو بسبب الأعمال الحسنى تكميل لما قيل لأنه سبحانه لماأمره E بالإعراض نفى توهم أن ذلك لأنهم يتركون سدى وفي العدول عن ضمير ربك إلى الأسم الجامع ما ينشيء عن زيادة القدرة وأن الكلام مسوق لوعيد المعرضين وأن تسوية هذا الملك العظيم لهذه الحكمة فلا بد منضال ومهتد ومن أن يلقى كل ما يستحقه وفيه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم يلقى الحسنة جزاءا لتبليغه وهميلقون السوأي جزاءا لتكذيبهم وكرر فعل الجزاء لإبراز كمال الأعتنار والتنبيه على تباين الجزائين .
وجوز أن يكون معنى فأعرض الخلا تقابلهمبصنيعهم وكلهم إلى ربك أنه أعلم بك وبهم فيجزي كلا ما يستحقه ولا يخفى ما فيالعدول عن الضميرين في بمن ضل وبمن اهتدى وجعل قوله تعالى : ليجزي على متعلقا بما يدل عليه قوله تعالى : إن ربك هو أعلم أي ميز الضال عن المهتدي وحفظ أحوالهم ليجزي الخ وقوله سبحانه : ولله ملك السماوات جملة معترضة تؤكد حديث أنهم يجزون البتة ولا يهملون كأنه قيل : هو سبحانه أعلم بهم وهم تحت ملكه وقدرته وجوز على ذلك المعنى أن يتعلق ليجزي بقوله تعالى : ولله ما في السماوات كما تقدم على تأكيد أمر الوعيد أي هو أعلم بهم وإنما سوى هذا الملك للجزاء ورجح بعضهم ذلك المعنى بالوجهين المذكورين على ما مر وجوز في جملة لله ما في السماوات كونها حالا من فاعل أعلم سواء كان بمعنى عالم أولا وفي ليجزي تعلقه بضل واهتدى على أن اللام للعاقبة أي هو تعالى أعلم بمن ضل ليؤول أمره إلى أن يجزيه الله تعالى بعلمه و بمن اهتدى ليؤول أمره إلى أن يجزيه بالحسنى ولا يخفى بعده وأبعد منه بمراحل تعلقه بقوله سبحانه : لا تغني شفاعتهم كما ذكره مكي وقرأزيد بن علي لنجزي ونجزي بالنون فيهما الذين يجتنبون كبائر الإثم بدل من الموصول الثاني وصيغة الأستقبال في صلته للدلالة على تجدد الأجتناب واستمراره أو بيان أو نعت أو منصوب على المدح أو مرفوع على أنه خبر محذوف و الأثم الفعل المبطيء عن الثواب وهو الذنب وكبائره ما يكبر عقابه وقرأحمزة والكسائي وخلف كبير الأثم على إرادة الجنس أوالشرك والفواحش ما عظم قبحه من الكبائر فعطفه على ما تقدم من عطف الخاص على العام وقيل : الفواحش والكبائر مترادفا إلآ اللمم ما صغر من الذنوب وأصله ما قل قدره ومنه لمه الشعر لأنها دون الوفرة وفسره أبو سعيد الخدري بالنظرة والغمزة والقبلة وهومن باب التمثيل وقيل : معناه الدنو من الشيء دون ارتكاب له من ألممت بكذا أي نزلت به وقاربته من غير مواقعة وعليه قول الرماني هو الهم بالذنب وحديث النفس دون أن يواقع وقول ابن المسيب : ما خطر على القلب وعن ابن عباس وابن زيد هو ما ألموا به منالشرك والمعاصي في الجاهلية قبل الإسلام والآية نزلت لقول الكفار للمسلمين قدكنتم بالأمس تعملون أعمالنا فهي مثل قوله تعالى : وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف على ما في البحر وقيل : هو مطلق الذنب