التكليفية مشتملة على ذكر شيء من أحكام الموتى عقب ذلك بهذه القصة العجيبة تنبيها على عظيم قدرته وأنه القادر على الإحياء والبعث للمجازاة وإستنهاضا للعزائم على العمل للمعاد والوفاء بالحقوق والصبر على المشاق .
وقيل : وجه المناسبة أنه لما ذكر سبحانه كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ذكر هذه القصة لأنها من عظيم آياته وبدائع قدرته وقيل : جعل الله تعالى هذه القصة لما فيها من تشجيع المسلمين على الجهاد والتعرض للشهادة والحث على التوكل والإستسلام للقضاء تمهيدا لقوله تعالى : وقاتلوا في سبيل الله وهو عطف في المعنى على ألم تر لأنه بمعنى أنظروا وتفكروا والسورة الكريمة لكونها سنام القرآن ذكر فيها كليات الأحكام الدينية من الصيام والحج والصلاة والجهاد على نمط عجيب مستطردا تارة للإهتمام بشأنها يكر عليها كلما وجد مجال ومقصودا أخرى دلالة على أن المؤمن المخلص لا ينبغي أن يشغله حال عن حال وإن المصالح الدنيوية ذرائع إلى الفراغة للمشاغل الأخروية والجهاد لما كان ذروة سنام الدين وكان من أشق التكاليف حرضهم عليه من طرق شتى مبتدأ من قوله سبحانه : ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله منتهيا إلى هذا المقال الكريم مختتما بذكر الإنفاق في سبيله للتتميمقاله في الكشفوجوز في العطف وجوه أخر الأول أنه عطف على مقدر يعينه ما قبله كأنه قيل فأشكروا فضله بالإعتبار بما قص عليكموقاتلوا في سبيلهلما علمتم أن الفرار لا ينجي من الحمام وأن المقدر لا يمحي فإن كان قد حان الأجل فموت في سبيل الله تعالى خير سبيل وإلا فنصر وثواب الثاني أنه عطف على ما يفهم من القصة أي أثبتوا ولا تهربوا كما هرب هؤلاء وقاتلوا الثالث أنه عطف على حافظوا على الصلوات إلى فإن خفتم الآية لأن فيه إشعارا بلقاء العدو وما جاء جاى كالإعتراض الرابع أنه عطف على قال لهم الله والخطاب لمن أحياهم الله تعالى وهو كما ترى وأعلموا أن الله سميع لما يقوله المتخلف عن الجهاد من تنفير الغير عنه وما يقوله السابق إليه من ترغيب فيه عليم 442 بما يضمره هذا وذلك من الأغراض والبواعث فيجازي كلا حسب عمله ونيته من ذا الذي يقرض الله من إستفهامية مرفوعة المحل بالإبتداء و ذا خبره و الذي صفة له أو بدل منه ولا يجوز ان يكون من ذا بمنزلة أسم واحد مثل ما تكون ماذا كدلك كما نص عليه أبو البقاء لأن ما أشد إبهاما منمنوإقراض الله تعالى مثل لتقديم العمل العاجل طلبا للثواب الآجل والمراد ههنا إما الجهاد المشتمل على بذل النفس والمال وإما مطلق العمل الصالح ويدخل فيه ذلك دخولا أوليا وعلى كلا التقديرين لا يخفى إنتظام الجملة بما قبلها قرضا إما مصدر بمعنىإقراضافيكون نصبا على المصدرية وإما بمعنى المفعول فيكون نصبا على المفعولية وقوله سبحانه : حسنا صفة له على الوجهين وجهة الحسن على الأول الخلوص مثلا وعل ىالثاني الحل والطيب وأخرج إبن أبي حاتم عن عمر إبن الخطاب رضي الله تعالى عنهالقرض الحسنالمجاهدة والإنفاق في سبيل الله تعالى وعليه يلتئم النظم أتم إلتئام فيضعفه أيالقرض له وجعلهمضاعفامجاز لأنه سبب المضاعفةوجوز تقدير مضاف أيفيضاعفجزاءه وصيغة المفاعلة ليست على بابها إذ لا مشاركة وإنما أختيرت للمبالغة المشيرة إليها المغالبة .
وقرأ عاصم بالنصب وفيه وجهان : أحدهما أن يكونمعطوفاعلى مصدريقرضفي المعنى أيمن ذا الذييكون منه قرض فمضاعفة من الله تعالى وثانيهما أن يكون جوابا لإستفهام معنى أيضا لأن المستفهم