أخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إن الله تعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به : قد مات فأذن لنا أن نصعد إلى السماء فيقول الله تعالى : سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني فيقولان : أنقيم في الأرض فيقول الله تعالى : أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني فيقولان فأين فيقول : قوما على قبر عبدي فسبحاني وأحمداني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة وجاء أنهما يلعنانه إلى يوم القيامة إن كان كافرا .
وقال الحسن : الحفظة أربعة اثنان بالنهار واثنان بالليل وهو يحتمل التبدل بأن يكون في كل يوم وليلة أربعة غير الأربعة التي في اليوم والليلة قبلهما وعدمه .
قال بعضهم : إن ملك الحسنات يتبدل تنويها بشأن الطائع وملك السيآت لا يتبدل سترا على العاصي في الجملة والظاهر أنهما لا يفارقان الشخص وقالوا : يفارقانه عند الجماع ودخول الخلاء ولا يمنع ذلك من كتبهما ما يصدر عنه في تلك الحال ولهما علامة للحسنة والسيئة بدنيتين كانتا أو قلبيتين وبعض الأخبار ظاهرة في أن ما في النفس لا يكتب أخرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا في الأخلاص وأبو الشيخ في العظمة عن ضمرة ابن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن الملائكة يصضعدون بعمل العبد من عباد الله تعالى فيكثرونه ويزكونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوح الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبد وأنا رقب على ما في نفسه إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين قال : ويصعدون بعمل العبد من عباد الله تعالى فيستقلونه ويحتقرونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحي الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه فضاعفوه له واجعلوه في عليين وجاء من حديث عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني أنه ينادي الملك أكتب لفلان بن فلان كذا وكذا أي من العمل الصالح فيقول : ا رب إنه لم يعمله فيقول : سبحانه وتعالى إنه نواه وقد يقال : إنهما يكتبان ما في النفس ما عدا الرياء والطاعات المنوية جمعا بين الأخبار وجاء أنه يكتب للمريض والمسافر مثل ما كان يعمل في الصحة والأقامة من الحسنات .
أخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد والطبراني والبهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ما من أحد من المسلمين يبتلي ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة فقال : اكتبوا لعبدي ما كان يعمل وهو صحيح ما دام مشددا في وثاقي وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من مرض أو سافر كتب الله تعالى له ما كان يعمل صحيحا مقيما وفي بعض الآثار ما دل على أن بعض الطاعات يكتبها غير هذين الملكين ثم إن الملائكة الذين مع الأنسان ليسوا محصورين بالملكين الكاتبين فعن عثمان أنه سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كم ملك على الأنسان فذكر عشرين ملكا قاله المهدوي في الفصيل وذكر بعضهم أن المعقبات في قوله تعالى : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله غير الكاتبين بلا خلاف وحكى اللقاني عن ابن عطية أن كل آدمي به من حين وقوعه نطفة في الرحم إلى موته أربعمائة ملك الله تعالى أعلم بصحة ذلك .
وروي ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن المبارك أنه قال : وكل بالعبد خمسة أملاك ملكان بالليل وملكان بالنهار يجيئان ويذهبان وملك خامس لا يفارقه لا ليلا ولا نهارا وقوله تعالى :