منهم في الصحة أو في المرض كما رواه علماء النقل والرواية انتهى وفي بعض الآثار ما يدل على أن الكلام النفسي لا يكتب أخرج البيهقي في الشعب عن حذيفة بن اليمان أن للكلام سبعة أغلاق إذا خرج منها كتب وأن لم يخرج القلب واللها واللسان والحنكان والشفتان وذهب بعضهم إلى أن المباح لا يكتبه أحد منهما لأنه لا ثواب فيه ولا عقاب والكتابة للجزاء فيكون مستثنى حكما من عموم الآية وروي ذلك عن عكرمة .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه من طريقه عن ابن عباس أنه قال : إنما يكتب الخير والشر لا يكتب يا غلام أسرج الفرس ويا غلام أسقني الماء وقال بعضهم : يكتب كل ما صدر من العبد حتى المباحات فإذا عرضت أعمال يومه محي منها المباحات وكتب ثانيا ماله ثواب أو عقاب وهو معنى قوله تعالى : يمحو الله ما يشاء ويثبت وقد أشار السيوطي إلى ذلك في بعض رسائله وجعل وجها للجمع بين القولين القول بكتابة المباح والقول بعدمها وقد روي نحو عن ابن عباس أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أنه قال في الآية : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى أنه ليكتب قوله : أكلت وشربت ذهبت جئت رأيت حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان من خير أو شر وألقى سائره فذلك قوله تعالى : يمحو الله ما يشاء ويثبت ثم إن المباح على القول بكتابته يكتبه ملك الشمال على ما يشعر به ما أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الأوزاعي عن حسان بن عطية أن رجلا كان على حمار فعثر به فقال : تعست فقال صاحب اليمين : ما هي بحسنة فأكتبها وقال صاحب الشمال ما هي بسيئة فأكتبها فنودي صاحب الشمال إن ما تركه صاحب اليمين فأكتبه وجاء في بعض الأخبار أن صاحب اليمين أمين على صاحب الشمال وقد أخرج ذلك الطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب من حديث أبي أمامة مرفوعا وفيه فإذا عمل العبد حسنة كتبت له بعشر أمثالها وإذا عمل سيئة وأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال صاحب اليمين أمسك فيمسك ست ساعات أو سبع ساعات فإن استغفر الله تعالى منها لم يكتب عليه شيئا وإن لم يستغفر الله تعالى كتبت عليه سيئة واحدة ومثل الأستغفار كما نص عليه فعل طاعة مكفرة في حديث آخر أن صاحب اليمين يقول : دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر وظاهر الآية عموم الحكم للكافر فمعه أيضا ملكان يكتبان ماله وما عليه من أعماله وقد صرح بذلك غير واحد وذكروا أن ماله الطاعات التي لا تتوقف على نية كالصدقة وصلة الرحم وما عليه كثير لا سيما على القول بتكليفه بفروع الشريعة .
وفي شرح الجوهرة الصحيح كتب حسنات الصبي وإن كان المجنون لا حفظة عليه لأن حاله ليست متوجه للتكليف بخلاف الصبي وظاهر الآية شمول الحكم له وتردد الجزولي في الجن والملائكة أعليهم حفظة أم لا ثم جزم بأن على الجن حفظة وأتبعه القول بذللك في الملائكة عليهم السلام قال اللقاني بعد نقله : ولم أقف عليه في الجن لغيره ويفهم منه أنه وقف عليه في الملائكة لغيره ولعله ما حكى عن بعضهم أن المراد بالروح في قوله تعالى : تنزل الملائكة والروح الحفظة على الملائكة ويحتاج دعوى ذلك فيهم وفي الجن إلى نقل .
وأما اعتراض القول به في الملائكة بلزوم التسلسل فمدفوع بما لا يخفى على المتأمل ثم إن بعضهم استظهر في الملكين مع الأنسان كونهما ملكين بالشخص لا بالنوع لكل إنسان يلزمانه إلى مماته فيقومان عند قبره يسبحان الله تعالى ويحمدانه ويكبرانه ويكتبان ثواب ذلك لصاحبهما إن كان مؤمنا