الموجد وهو الله تعالى وليست تلك الصورة للمستأنف وجوده فإن صورته وإن كانت جزئية حقيقية أيضا إلا أنها لم تترتب على تعلق صفة البصر ولا شك أن المترتب على تعلق صفة البصر اكمل من غير المترتب عليه فبين الصورتين تمايز واضح وإذا انحفظ وحدة الموجود الخارجي بالصور الجزئية الخيالية لنا فانحفاظها بالصورة الجزئية الحاصلة له تعالى بواسطة تعلق صفة البصر بالطريق الأولى انتهى وهو حسن لكن لا تشير الآية إليه .
وأيضا لا يتم عند القائلين بعدم رؤية الله سبحانه المعدومات مطلقا إلا أن أولئك قائلون بثبوت هويات المعدومات متمايزة تمايزا ذاتيا فلا ترد عليهم الشبهة السابقة وقد يقال : إن صفة البصر ترجع إلى صفة العلم وتعلقاته مختلفة فيجوز أن يكون لعلمه تعالى تعلقا خاصا بالموجود الذي عدم غير تعلقه بالمستأنف في حال عدمه وبذلك يحصل الأمتياز ويندفع التحكم ويقال على مذهب الحكماء : إن صورة المعدوم السابق مرتسمة في القوى المنطبعة للأفلاك بناء على أن صور جميع الحوادث الجسمانية منطبعة فيها عندهم فله صورة خيالية جزئية محفوظة الوحدة الشخصية بعد فنائه بخلاف المستأنف إذ ليس تلك الصورة قبل وجوده وإنما له الصور الكلية في الأذهان العالية والسالفة فإذا أوجدت تلك الصورة الجزئية معادا وإذا أوجدت هذه الصورة الكلية كان مستأنفا وربما يدعى الأسلامي المستتفلس أن في قوله تعالى : وعندنا كتاب حفيظ رمز إلى ذلك وللجلال الدواني كلام في هذا المقام لا يخلو عن نظر عند ذوي الأفهام ثم إن البعث لا يتوافق على صحة إعادة المعدوم عند الأكثرين لأنهم لا يقولون إلا بتفرق أجزاء الميت دون انعدامها بالكلية ولعل في قوله تعالى حكاية عن منكريه : أئذا متنا وكنا ترابا إشارة إلى ذلك وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليس من الأنسان شيء لا يبلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة وليس نصا في انعدام ما عدا العجب بالمرة لاحتمال أن يراد ببلا غيره من الأجزاء انحلالها إلى ما تركبت منه من العناصر وأما هو فيبق على العظيمة وهو جزء صغير في العظم الذي في أسفل الصلب ومن كلام الزمخشري العجب أمره عجب هو أول ما يخلق وخر ما يخلق بل كذبوا بالحق لما جاءهم إضراب أتبع الأضراب الأول للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم وهو التكذيب بالحق الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات في أول وهلة من غير تفكر ولا تدبر فكأنه بدل بداء من الأول فلا حاجة إلى تقدير ما أجادوا النظر بل كذبوا أو لم يكذب المنذر بل كذبوا وكون التكذيب المذكور أفظع قيل : من حيث أن تكذيبهم بالنبوة تكذيب بالمنبأ به أيضا وهو البعث وغيره وقيل : لأن إنكار النبوة في نفسه أفظع من إنكار البعث وربما لا يتم عند القائلين بأن العقل مستقل بإثبات أصل الجزاء عل أن من الجائز أن يكون قد سمعوا بالبعث من أصحاب ملل أخرى بخلاف نبوته E خاصة وقيل : المراد بالحق الأخبار بالبعث ولا شك أن التكذيب أسوأ من التعجب وأفظع فهو إضراب عن تعجبهم بالمنذر والمنذر به إلى تكذيبهم وقيل : المراد به القرآن والمضروب عنه عليه على ما قال الطيبي قوله تعالى : ق والقرآن المجيد وجعل كبدل البداء من الأضراب الأول على أنه إضراب عن حديث القرآن ومجده إلى التعجب من مجيء من أنذرهم بالبعث الذي تضمنه وإن هذا إضراب إلى التصريح بالتكذيب به ويتضمن ذلك إنكار جميع ما تضمنه كذا قيل فتأمل وقرأ الجحدري لما بكسر اللام وتخفيف الميم فاللام توقيتية بمعنى عند نحوها في قولك : كتبه لخمس خلون مثلا و ما مصدرية أي